للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول الفقهاء: لا خِيار له؛ لأن هذا يُحسن المماكسة، لماذا لم يُماكس أو يتحرى أو ينظر؟ ولا سيما إذا كان الأسواق غير ثابتة، يومًا ترتفع، ويومًا تنزل، الواجب عليه أن يتحفظ لنفسه.

مثاله: جاء رجل يحسن المماكسة إلى صاحب دكان، فاشترى منه سلعة بمئة ألف، وإذا صاحِب الدكان قد علم أن الأسعار تغيرت، وأن التي تساوي مئة الآن لا تساوي إلا خمسين، لكن هذا الرجل الشاطر الجيد ما علِم بتغير الأسعار، فهل له الخيار أم لا؟

الفقهاء يقولون: لا خيار له، والصحيح أن له الخيار إذا علمنا أن صاحبه قد غشه، إذا علمنا أن الرجل هذا قد جاءه خبر بتغير الأسعار ونزولها، فخدع الناس وباع عليهم بالأسعار الحاضرة فإن مَنْ غُبِن له الخيار.

ودليل ذلك أن هذا من الغش والخيانة لإخوانه المسلمين، وكل إنسان غش فإنه يجب أن يحال بينه وبين مأربه وإرادته، وأن يمنع مما يستلزم على غشه.

إذن على هذا نقول: (المسترسل) كل من يجهل القيمة سواء كان يحسن المكاثرة، أو لا يحسن، لكن إذا كان يحسن المماكسة نزيد شرطًا آخر؛ أن يكون البائع عالمًا بتغير الأسعار، ولم يخبره.

ويقع الغبن كثيرًا في البيع على الصبيان وعلى النساء، فإن بعض الناس -والعياذ بالله- ممن لا يخافون الله يأتي إليه الصبي اللي ما يعرف يبيع عليه السلعة اللي تساوي درهمًا بدرهمين، وتأتي إليه المرأة أيضًا، ويبيع عليها ما يساوي عشرة بعشرين، وهذا -والعياذ بالله- من باب أكل أموال الناس بالباطل، والواجب على المرء أن يكون كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» (١١).

طالب: ( ... ).

الشيخ: إي، نفس الشيء؛ لأن الغبن كما يكون على المشتري يكون على البائع أحيانًا، فهو شامل الغبن لهذا ولهذا، فإذا علمنا أن هذا الرجل قد علم بارتفاع الأسعار، وذهب إلى السوق، وراح كل اللي في السوق، فهذا يُمنع لمن غُبنوا أن يفسخوا البيع.

طالب: ( ... ).

<<  <  ج: ص:  >  >>