عرف بدر الدين العيني الفهم بأنه:(جودة الذهن، والذهن قوة تقتنص الصور والمعاني، وتشمل الإدراكات العقلية والحسية)(١) .
وهو منزلة بين تلقي العلم والحفظ، وفي ذلك روى البيهقي عن سفيان بن عيينة قوله:(أول العلم: الاستماع، ثم الفهم، ثم الحفظ، ثم العمل، ثم النشر)(٢) .
ومن كان ذا فهم كان ممدوحا عند العلماء لأنه يفقه ما يسمع، ويظهر أثره في العمل، فهذا أبو نصر الكلاباذي الكاتب، من الحفاظ، قال فيه أبو عبد الله الحاكم:(حسن الفهم والمعرفة ... )(٣) ، وقال الذهبي في الإمام محمد بن مخلد بن حفص الحافظ:(كتب ما لا يوصف كثرة، مع الفهم والمعرفة وحسن التصانيف)(٤) .
ومن نزلت رتبته عن الفهم السليم كان مقدوحا فيه، فهذا عفان بن مسلم أبو عثمان الصغار قال فيه سليمان بن حرب فيما رواه عنه ابن عدي:( ... كان بطيئا رديء الحفظ، بطيء الفهم)(٥) ، وقال ابن النجار في أحمد بن طارق الكركي:( ... وقد سمعت منه كثيرا، وكان قليل المعرفة، بعيدا من الفهم، ولكنه صحيح السماع ... )(٦) .
(١) العيني: عمدة القاري شرح صحيح البخاري ٢ / ٥٢، ذكر ذلك في معرض رده على الكرماني عندما قال: (المراد من العلم المعلوم، كأنه قال: (باب إدراك المعلومات)) ، البخاري بشرح الكرماني ٢ / ٣٩. (٢) البيهقي: شعب الإيمان ٢ / ٢٨٩ ح ١٧٩٧. (٣) الذهبي: تذكرة الحفاظ ٣ / ١٠٢٧ تر ٩٥٦. (٤) الذهبي: سير أعلام النبلاء ١٥ /٢٥٦. (٥) ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال ٥ / ٣٨٤ تر ١٥٥٠. (٦) ابن حجر: لسان الميزان ١ / ١٨٨ تر ٥٧٩.