وهذا كله تفسيرٌ لا يخصُّ اللفظةَ، والذي يخصُّ اللَّفظَةَ هو: تطرحونَ الفكاهة عن أنفسكم، وهي المسرَّةُ والجَذَلُ (١). ورجلٌ فَكِهٌ: إذا كانَ منبسطَ النَّفسِ، غيرَ مكترثٍ بشيءٍ.
وتَفَكَّهَ، من أخواتِ تَحَرَّجَ وَتَحَوَّبَ» (٢).
٣ - وفي قوله تعالى:{بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَياتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلاَفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُسَوِّمِينَ}[آل عمران: ١٢٥]، قال في تفسيرِ لفظِ {فَوْرِهِمْ}: «والفورُ: النهوضُ المسرعُ إلى الشيءِ، مأخوذٌ من فَورِ القِدْرِ والماءِ ونحوِه، ومنه قوله تعالى:{وَفَارَ التَّنُّورُ}[هود: ٤٠]، فالمعنى: ويأتوكم في نهضتِهم هذه.
قال ابن عباس:{مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا}: معناه: من سفرهم هذا.
وقال الحسن، والسُّدِّيُّ: معناه: من وجههم هذا، وقاله قتادة.
(١) في المحرر الوجيز، ط: قطر (١٤:٢٦١): «والجزل»، وفي ط: المغربية (١٥:٣٨٠): «والجدل»، والصواب: الجَذَلُ، وهو الفرحُ، ينظر: القاموس، مادة (جذل). (٢) المحرر الوجيز، ط: قطر (١:٢٦١). قال ابن القيم: «... وتفكَّهتَ بالشيءِ: إذا تمتَّعْتَ به، ومنه الفاكهةُ التي يُتمتَّعُ بها، ومنه قوله: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} [الواقعة: ٦٥]، قيل: معناه: تندمونَ، وهذا تفسيرٌ بلازم المعنى، وإنما الحقيقةُ: تُزيلونَ عنكم التَّفكُّه، وإذا زال التَّفَكُّهُ خلفه ضِدُّه، يقال: تحنَّثَ: إذا زال الحِنثُ عنه، وتحرَّجَ، وتحوَّب، وتأثَّم، ومنه: تفكَّه. وهذا البناء يقال للداخل في الشيء، وللخارج منه؛ كتحرَّج وتأثَّم». التبيان في أقسام القرآن (ص:١٦٩).