قام فخطب:"ما بال رجال يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله ... " الحديث وقد تقدم (١).
والشاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بإمضاء العقد -على ما فيه من شرط فاسد- مع إبطال هذا الشرط، وعليه فيتألَّق القول الثاني في المسألة والله أعلم.
[٣] شروط لم يأمر الشارع بها ولم ينه عنها، وفي اشتراطها مصلحة لأحد الزوجين:
كأن تشترط عليه أن لا يخرجها من دارها أو بلدها، أو لا يسافر بها، أو لا يتزوَّج عليها، أو أن تستمر في دراستها أو عملها [المشروع] ونحو ذلك.
* حكمها:
اختلف أهل العلم في صحة مثل هذه الشروط في عقد النكاح على قولين (٢):
الأول: هذه الشروط لا تحل وهي باطلة، والعقد صحيح: وهذا مذهب الجمهور: منهم أبو حنيفة ومالك [إلا ما كان فيه عتق أو طلاق فتلزمه عنده] والشافعي والليث والثوري وابن المنذر والظاهرية وحجتهم:
١ - أن الأصل في العقود والشروط -عندهم- الحظر، إلا ما أباحه الشرع.
٢ - قول النبي صلى الله عليه وسلم:"ما بال رجال يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله؟ من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله فهو باطل، شرط الله أحق وأوثق"(٣).
قالوا: معنى (في كتاب الله) أي في حكم الله ورسوله أو فيما دلَّ عليه الكتاب والسنة، فلا يكون شرطًا إلا ما جاء في القرآن أو السنة نصٌ بإباحته.
٣ - قوله صلى الله عليه وسلم:"المسلمون على شروطهم، إلا شرطًا أحلَّ حرامًا أو حرَّم حلالًا"(٤).
قالوا: وهذه الشروط تخالف مقتضى العقد، لأن العقود توجب مقتضياتها
(١)، (٢) صحيح: تقدم قريبًا. (٢) «فتح القدير» (٢/ ٤٥٩)، و «الاستذكار» (١٦/ ١٤٩)، و «الأم» (٥/ ٦٥)، و «المغني» (٧/ ٩٣)، و «الإنصاف» (٨/ ١٥٥)، و «المحلي» (٨/ ٣٧٥)، و «اختلاف العلماء» للمروزي (ص: ١٧٧)، و «مجموع الفتاوى» (٢٩/ ١٢٨ - ١٤٨ - ١٦٠)، و «جامع أحكام النساء» لشيخنا (٣/ ٣٦٢)، و «أحكام الزواج» للأشقر (ص: ١٨٤ - ١٩٤). (٣) أخرجه الترمذي، والبيهقي (٢٤٩٨). (٤) سورة المائدة: ١.