ومنها أنّها تُجامِع فعلَ القسم، فتقول:"أحلفُ بالله"، و"أُقْسِم بالله". ولا تفعل ذلك بغيرها ,لا تقول:"أحلف والله"، ولا:"أقسم تالله"، ونحو ذلك.
والأمر الثالث أنك قد تحلف على إنسان، وذلك بأن تأتي بها للاستعطاف والتقرّب إلى المخاطب، فتقول:"بالله إلَّا فعلتَ"، ولا تقول:"واللهِ"، ولا:"تاللهِ"؛ لأنّ ذلك إنما يكون في القسم، وليس هذا بقسم. ألا ترى أنَّه لو كان قسمًا، لافتقر إلى مُقْسَم عليه، وأن يجاب بما يجاب به الأقسامُ. فالباء من قول ابن هرمة [من الكامل]:
بالله ربّك ... إلخ
متعلق بمحذوف، كأنّه قال:"أسألُك باللهِ". و"أَخْبِرْني بالله". وإنما حُذف لدلالة الحال عليه، أو لقوله:"فقُلْ له"، كما حُذف من "بسم الله": "أَبْتَدِئُ"؛ لأنّك إنّما تقول ذلك في كثير الأمر في الابتداءات، والمراد: أسالُك بقُدْرة الله. وذْكرُ القدرة حجّةٌ عليه، أي: افْعَل ما أَسْأَلُك؛ لأنك قادرٌ عليه، لا عُذرَ لك في المنع. فإن قلت فما تصنع بقوله [من الطويل]:
١٢٤٤ - أَيَا خَيرَ حَىٍّ في البَرِيَّةِ كلِّها ... أبالله هل لي في يَمِينِيَ مِن عَقْلِ
فسمّاه قسمًا؛ لقوله:"هل لي في يميني من عقل؟ " فالجوابُ: التقدير: هل في يميني من عقل إن حلفتُ بأنّك خيرُ حي في البريّة؟ لا إنّه جعل هذا الكلام قسمًا. وكذلك قول الآخر [من الوافر]:
بدِينِكَ هل ضممتَ إليك نُعْما ... وهل قَبَّلْتَ بعد النَّوْمِ فاها
كأنّه قال: أسالُك بحقّ دينك أن تصدُقني وتعرّفني الحقيقةَ.
١٢٤٤ - التخريج: لم أقع عليه فيما عدت إليه من مصادر. المعنى: لعلّه أراد مديح محمّد - صلى الله عليه وسلم -. الإعراب: "أيا": حرف نداء لا محلّ له من الإعراب. "خير": منادى مضاف منصوب بالفتحة. "حي": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "في البرية": جارّ ومجرور متعلّقان بصفة محذوفة لـ"حي". "كلها": توكيد للبرية مجرور بالكسرة، وهو مضاف، و"ها": ضمير متصل مبني في محلّ جرّ مضاف إليه. "أبالله": الهمزة: حرف استفهام. "لي": جارّ ومجرور متعلّقان بفعل محذوف تقديره: أسألك. "هل": حرف استفهام. "لي": جارّ ومجرور متعلّقان بخبر مقدّم محذوف. "في يميني": جارّ ومجرور متعلّقان بالخبر المقدّم المحذوف. [من عقل]: حرف جر زائد، واسم مجرور لفظًا مرفوع محلاًّ على أنه مبتدأ مؤخّر. وجملة "أيا خير حى": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة القسم: استئنافية لا محلّ لها كذلك. وجملة "هل عقل موجود لي في يمينى": استئنافية لا محلّ لها من الإعراب. والشاهد فيه قوله: "أبالله" حيث علّق الجار والْمجرور بفعل محذوف.