فكيف بأهل البلدان: الذين كانوا على الإسلام، فخلعوا ربقته من أعناقهم، وأظهروا لأهل الشرك الموافقة على دينهم، ودخلوا في طاعتهم، وآووهم ونصروهم، وخذلوا أهل التوحيد، واتبعوا غير سبيلهم، وخطئوهم، وظهر فيهم: سبهم (١) ، وشتمهم (٢) ، وعيبهم، والاستهزاء بهم، وتسفيه رأيهم ـ في ثباتهم على التوحيد والصبر عليه، وعلى الجهاد فيه ـ وعاونوهم على أهل التوحيد طوعاً لا كرهاً، واختياراً لا اضطراراً (٣) . فهؤلاء / أولى بالكفر والنار من الذين تركوا الهجرة شحاً بالوطن، وخوفاً من الكفار، وخرجوا في جيشهم مكرهين خائفين.
فإن قال قائل: هلاً كان الإكراه (٤) عذراً (٥) ـ للذين قتلوا يوم بدر ـ على الخروج (٦) ؟. قيل: لا يكون عذراً (٧) لأنهم في أول الأمر لم يكونوا معذورين. إذا (٨) أقاموا مع الكفار، فلا يعذرون بعد ذلك بالإكراه (٩) ؛ لأنهم السبب في ذلك، حيث أقاموا (١٠) معهم وتركوا الهجرة.