للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غير وجه الحاجة إليه والفائدة فيه لم يُعتد به، فصار بمنزلة ما ليس فيه إلا الأصوات المتشاكلة"

والفواصل عند "الرماني" علة وجهين:

أحدهما على الحروف المتجانسة، كآيات:

{طه (١) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (٢) إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى}

{وَالطُّورِ (١) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ}

والآخر، على الحروف المتقاربة كالميم والنون في مثل:

{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}

والدال والباء، في مثل:

{ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (٢) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ}

فالعبرة عند "الرماني" بالمعنى، وإن لم يمتنع عنده أن يكون للجرس اللفظي وائتلاف الإسقاع حظه من التقدير أو كما قال في ختام الباب:

"والفائدة في الفواصل دلالتها على المقاطع، وتحسينها الكلام بالتشاكل، وإبداؤها في الآى بالنظائر".

* * *

لكن أكثر البلاغيين لم يطمئنوا مع ذلك إلى هذه التفرقة بين الفواصل والأسجاع وإن أجمعوا على الإقرار بإعجاز النظم القرآنر.

فابو هلال العسكري - ٣٥٩ هـ - يصرح في (الصناعتين) بأن جميع ما في القرآن مما يجرى على التسجيع والازدواج، مخالف في تمكين المعنى وصفاء اللفظ وتضمنه الطلاوة والماء، لا يجرى مجراه من كلام الخلق. . . ألا ترى قوله عن اسمه: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا} قد بان عن جميع أقسامهم الجارية هذا المجرى.

<<  <   >  >>