بالقلوب والأعمال، وكلها يشهد (١) أو أكثرُها أن أعمال البِرِّ من الإيمان، فكيف تُعانَد هذه الآثار بالإبطال والتكذيب؟!
ومما يصدِّق تفاضلَه بالأعمال قولُ الله جلَّ ثناؤه: ﴿إِنَّمَا (٢) الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ إلى قوله: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا﴾ [الأنفال: ٢ - ٤]، فلم يجعل اللهُ للإيمان حقيقة (٣) إلا بالعمل على هذه الشروط، والذي يزعم (٤) أنه بالقول خاصَّةً يجعله مؤمنًا حقًّا وإن لم يكن هناك عمل؛ فهو معائدٌ للكتاب والسنة (٥)(٦).
ومما يبين لك تفاضلَه في القلب، قولُه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾ [الممتحنة: ١٠]، ألست ترى أن هاهنا منزلًا دون منزل: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ﴾ [الممتحنة: ١٠].
(١) في الأصل: "يشد". (٢) في الأصل: "وإنما". (٣) أي: كاملة. (٤) في المطبوع: "يزعمه". (٥) في المطبوع: "لكتاب الله والسنة". (٦) قال شيخ الإسلام ﵀ في بيان وجوه غلط المرجئة: "الثالث: ظنهم أن الإيمان الذي في القلب يكون تامًا بدون شيء من الأعمال، ولهذا يجعلون الأعمال ثمرة الإيمان ومقتضاه، بمنزلة السبب مع المسبب ولا يجعلونها لازمة له، والتحقيق أن إيمان القلب التام يستلزم العمل الظاهر بحسبه لا محالة، ويمتنع أن يقوم بالقلب إيمان تام بدون عمل ظاهر". الفتاوى (٧/ ٢٠٤)، وانظر: (٧/ ٢٢١ و ٥٥٣ و ٥٦٢) منه، الصلاة لابن القيم (٨٧).