تعالى (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)[آل عمران ٣١] فأطلقت الآية الأمر بالاتباع.
وليس يشكل على هذا الأصل ما نقل من تحري ابن عمر [خ ٤٦٩] مواضع صلى فيها رسول الله ﷺ لأنه فعل ذلك تبركا بآثار رسول الله لا أن السنة قصد الصلاة ثَمَّ.
ولو سُلم لكان كما روى البخاري [٤٨٠] عن يزيد بن أبي عبيد قال: كنت آتي مع سلمة بن الأكوع فيصلي عند الأسطوانة التي عند المصحف فقلت: يا أبا مسلم أراك تتحرى الصلاة عند هذه الأسطوانة؟ قال: فإني رأيت النبي ﷺ يتحرى الصلاة عندها اه فظهر له قصد النبي إلى الصلاة هناك، فهو يؤكد هذا الأصل أنهم كانوا يتتبعون مقاصد النبي ﷺ دون ما لم يتحره.
وقد كان للنبي ﷺ أعمال وقصد، فكما أمرنا أن نتبع العمل والترك أمرنا أن نتبعه في النية، ومن تمام الاتباع أخذ الأحكام بمقاصدها (١). وقد بينها ﷺ لأنه جاء بالبيان والبلاغ، وهو أن يظهر العربي مراده ومقصده من كلامه وأفعاله.
وقد جاء الشرع بأعمال القلوب، وأول من عمل بها النبي ﷺ فالاقتداء به فيها من تمام السنة. عرف ذلك أصحابه الأكابر ﵃ لذلك أمرنا باتباعهم.
ومن هذا ما يكون من قصد زمان أو مكان بعبادة مخصوصة، إذا وجد القصد امتنع العمل، وإذا كان عارضا لم يمتنع كما نبه نهي النبي ﷺ عن تخصيص ليلة الجمعة بقيام ويومها بصيام قال: لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي. ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم اه [خ ١٩٨٤/ م ١١٤٤](٢) فدل هذا النهي على أن التخصيص نفسه مفسدة وإلا لم يكن لترتيب الحكم عليه فائدة. وكما في قول عمر: من أدركته الصلاة في شيء من هذه المساجد التي صلى فيها رسول الله فليصل فيها، ولا يتعمدنها اه
(١) - الموافقات المسألة الثانية من مقاصد المكلف، وهذا مدار كتاب المقاصد عند الشاطبي، حاصله رد مقاصد العباد إلى موافقة مقاصد الشريعة، وهو الاتباع في النية بعبارة أسهل. (٢) - اقتضاء الصراط المستقيم ص ٢٧٥