والحرون وخراج، وعلوي والجناح، والأحوى ومجاح، والعصا والنّعامة، والبلقاء والحمامة، وسكاب والجرادة، وخوصاء والعرادة [١] ، فكم بين الشّاهد والغائب، والفروش والرّغائب [٢] ، وفرق ما بين الأثر والعيان، غنيّ عن البيان، وشتّان بين الصّريح والمشتبه، وللَّه درّ القائل:
«خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به [٣] »
والنّاسخ [٤] يختلف به الحكم، وشرّ الدواب عند التفضيل بين هذه الدّوابّ الصّمّ البكم [٥] إلّا ما ركبه نبيّ، أو كان له يوم الافتخار وبرهان خفي [٦] ومفضّل ما سمع على ما رأى غبيّ، فلو أنصفت محاسنها التي وصفت، لأقضمت [٧] حبّ القلوب علفا، وأوردت ماء الشّبيبة نطفا [٨] ، واتخذت لها من عذر [٩] الخدود الملاح عذر موشيّة [١٠] ، وعلّلت بصفير الحان القيان كلّ عشيّة، وأنعلت بالأهلّة، وغطيت بالرياض بدل الأجلّة [١١] .
إلى الرقيق [١٢] ، الخليق بالحسن الحقيق، يسوقه إلى مثوى الرعاية روقة [١٣] الفتيان رعاته، ويهدي عقيقها من سبحه [١٤] أشكالا تشهد للمخترع سبحانه بإحكام مخترعاته، وقفت ناظر الاستحسان لا يريم [١٥] ، لما بهره منظرها الوسيم، وتخامل
[١] العرادة وما قبلها: أسماء أفراس لرجال مشهورين من رؤساء قبائل العرب القدامى. [٢] الرغائب: جمع رغيبة، وهي الأمر المرغوب فيه. تاج (رغب) . [٣] صدر بيت للمتنبي من قصيدة يمدح بها سيف الدولة، وعجزة عن شرح العكبريّ ٢/ ٦٨ طبع الشرفية: «.......... ... في طلعة البدر ما يغنيك عن زحل» . [٤] النسخ في مصطلح أهل أصول الفقه: إنهاء حكم شرعي ثبت بنص شرعي، وإحلال حكم آخر بدله بنص شرعي جاء دليلا على انتهاء الحكم الأول والناسخ: هو النص الأخير الّذي بمقتضاه يرتفع الحكم الأول، ويلغي النص السابق. [٥] الإشارة الى الآية ٢٢ من سورة الأنفال. [٦] خفي: خاف، مستور. [٧] القضم: أكل القضيم، وهو شعير الدابة، وأقضم الدابة: قدم لها القضيم. [٨] النطفة: الماء الصافي، والجمع نطف. [٩] العذار: خط لحية الغلام، والجمع عذر. [١٠] العذار من اللجام: السيران اللذان يجتمعان عند قفا الفرس، والجمع عذر. [١١] جل الدابة: ما تغطى به، والجمع جلال، وجمع جلال: أجلة. [١٢] الرقيق: الضعيف لا صبر له على شدة البرد، ونحوه. [١٣] الروقة من الغلمان الملاح منهم، يقال غلمان روقة: أي حسان، والمفرد رائق. [١٤] السبج: خرز أسود. [١٥] لا يريم: لا يبرح.