وأشهب تغشّى من لونه مفاضة، وتسربل منه لأمة فضفاضة، قد احتفل زينه، لمّا رقم بالنّبال لجينه، فهو الأشمط، الّذي حقه لا يغمط، والدّارع [١] المسارع، والأعزل الذّارع [٢] ، وراقي الهضاب الفارع، ومكتوب الكتيبة البارع [٣] . وأكرم به من مرتاض سالك، ومجتهد على غايات السّابقين الأولين متهالك، وأشهب [٤] يروي من الخليفة، ذي الشّيم المنيفة، عن مالك.
وحبارى [٥] كلّما سابق وبارى، استعار جناح الحبارى، فإذا أعملت الحسبة، قيل من هنا جاءت النّسبة، طرد النّمر، لما عظم أمره وأمر [٦] ، فنسخ وجوده بعدمه، وابتزّه الفروة ملطّخة بدمه، وكأنّ مضاعف الورد نثر عليه من طبقة، أو الفلك، لمّا ذهب الحلك، مزج فيه بياض صبحه بحمرة شفقه....
وقرطاسي حقّه لا يجهل
، «متى ما ترقّى العين فيه تسفّل»[٧] ،
إن نزع عنه جلّة [٨] ، فهو نجم كلّه، انفرد بمادّة الألوان، قبل أن تشوبها يد الأكوان، أو تمزجها أقلام الملوان [٩] ، يتقدّم الكتيبة منه لواء ناصع، أو أبيض مناصع [١٠] ، لبس وقار المشيب، في ريعان العمر القشيب، وأنصتت الآذان من صهيلة المطيل المطيب، لمّا ارتدى بالبياض إلى نغمة الخطيب، وإن تعتّب منه للتأخير متعتّب، قلنا: الواو لا ترتب [١١] ، ما بين فحل وحرّة، وبهرمانة [١٢] ودرّة، ويا لله
[١] رجل دارع: ذو درع. [٢] ذرع: أسرع، كأنه لسرعته يقيس المسافات بالذراع. [٣] الفارع: المرتفع، الحسن، والبارع: التام في كل فضيلة. [٤] يوري بأشهب بن عبد العزيز المالكي أبو عمر المصري. وقد تقدم ذكره. [٥] الحباري: لونه لون الحباري. والحباري بضم الحاء، وفتح الباء المخففة، وراء مفتوحة بعد ألف: طائر رمادي اللون، وهو أشد الطير طيرانا، وأبعدها شوطا. ولذلك يقول: ان سرعة هذا الفرس تأتي من شبهه بالحبارى الّذي له هذه الصفة. حياة الحيوان للدميري ١/ ١٩٦. [٦] أمر: كثر. [٧] عجز بيت لامرئ القيس وصدره: ورحنا يكاد الطرف بقشر دونه متى إلخ. وفي الأصول: «..... فيه تسهل» . والمثبت رواية الديوان، وشرحه للبطليوسي ص ٣٤ طبع التقدم سنة ١٢٢٣ هـ. [٨] جل الفرس، وجاله: الغطاء الّذي تلبسه إياه لتصونه. [٩] الملوان: الليل والنهار. [١٠] الناصع: الخالص من كل شيء، والمناصع: المجالس. جمع منصع. [١١] يشير الى قول النحاة: ان العطف بالواو لا يفيد ترتيبا بين معطوفاتها. [١٢] البهرمان: نبات بأرض العرب يصبغ به، يقال له العصفر، ولونه دون الأرجوان في الحمرة.