فأما الإحرام فلا خلاف في وجوبه وركنيته لأن الأعمال بالنيات (١) وخصوصاً العبادات وخصوص الخصوص الحج.
وأما الطواف فلا خلاف فيه. قال الله سبحانه:{وَلْيَطَوَّفوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}(٢). وأما الوقوف بعرفة فهو الحج. في الحديث المأثور "الْحِجُّ عَرَفَةٌ (٣) " يعني معظم الحج ومقصوده، وأما السعي فاختلف العلماء فيه قديماً وحديثاً: فقال (ح)(٤): يجزي فيه الدم، ووقعت رواية عبد الله (٥) عن مالك، رضي الله عنه، في العتبية وهي ساقطة. السعي ركن عظيم وله في الحج منزلة كبيرة والدليل على ركنيته قوله تعالى:{إنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ الله}(٦)، الآية إلى آخرها، أنزلها الله تعالى رداً على من كان يمتنع من السعي (٧)، فإِن قيل فقد قال الله تعالى:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} قلنا: لم يفهم
(١) البخاري في كتاب الإيمان باب ما جاء إن الأعمال بالنية ١/ ٢١، ومسلم في الأمارة باب قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إِنَّما الأعْمَالُ بِالنيةِ) ٣/ ١٥١٥، كلاهما من حديث عمر رضي الله عنه. (٢) سورة الحج آية ٢٩. (٣) أبو داود ٢/ ٤٨٥، والترمذي ٣/ ٢٣٧، والنسائي ٥/ ٢٦٤، وابن ماجه ٢/ ١٠٠٣، والدارمي ٢/ ٥٩، وأحمد انظر الفتح الرباني ١٢/ ١١٩، والحاكم في المستدرك ١/ ٤٦٤، والبيهقي في السنن الكبرى ٥/ ١٧٣، والدارقطني ٢/ ٢٤٠ - ٢٤١، وابن حبان انظر موارد الظمآن ص ٢٤٩، كلهم من حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي. درجة الحديث: صححه النووي. انظر المجموع ٨/ ٩٥ - ١١٣ وقال عبد القادر الأرناؤوطي في تعليقه على جامع الأصول ٣/ ٢٤٢: إسناده صحيح. (٤) انظر شرح فتح القدير لابن الهمام ٢/ ١٥٧ وفتح الباري ٣/ ٤٩٩. (٥) هو عبد الله بن يوسف التنيسي، بمثناة ونون ثقيلة بعدها تحتانية مهملة، أبو محمَّد الكلاعي، أصله من دمشق، ثقة متقن من أثبت الناس في الموطأ، من كبار العاشرة. مات سنة ٢١٨/ خ د ت س. ت ٢/ ٤٦٣، وقال في ت ت: سمع من مالك وعنده الموطأ ومسائل عن مالك سوى الموطأ- ت ت ٦/ ٨٦ - ٨٧. (٦) سورة البقرة آية ١٥٨. (٧) ورد عند الشيخين من رواية عاصم قال: قُلْتُ لأِنَس بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ الله عَنْهُ: أكُنْتُمْ تَكْرَهونَ السعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؟ قَالَ: نَعَم، لِأنهَا كَانَتْ مِنْ شَعَائِرِ الْجَاهِلِيَّةِ حَتَّى أَنزَلَ الله {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ}. البخاري في الحج باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة ٢/ ١٩٥، ومسلم في الحج باب بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن لا يصح الحج إلا به ٢/ ٩٣٠، والترمذي ٩/ ٢٠٥، واللفظ السابق للبخاري.