النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْفَعُ فِيهِ مَا قُبِلَ١, إنْ تَابَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ قُتِلَ٢, لَا قَبْلَهَا, فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ فِيهِمَا, وَيَسُوغُ تَعْزِيرُهُ, وَهَذَا اخْتِيَارُ الْمَالِكِيَّةِ يُعَزَّرُ بَعْدَ التَّوْبَةِ.
وَوَجَّهَ شَيْخُنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي مَكَان آخَرَ بِأَنْ قَتْلَهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ رَسُولٌ حَقٌّ لِلَّهِ, وَقَدْ سَقَطَ فَيُعَزَّرُ لِحَقِّ الْبَشَرِيَّةِ كَتَعْزِيرِ سَابِّ الْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ إسْلَامِهِ, قَالَ: وَمَنْ لَمْ يُعَاقِبْهُ بِشَيْءٍ قَالَ: انْدَرَجَ حَقُّ الْبَشَرِيَّةِ فِي حَقِّ الرِّسَالَةِ, فَإِنَّ الْجَرِيمَةَ الْوَاحِدَةَ إذَا أَوْجَبَتْ الْقَتْلَ لَمْ يَجِبْ غَيْرُهُ, عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ, وَلِهَذَا انْدَرَجَ حَقُّ اللَّهِ فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ بِعَفْوِهِ عَنْ قَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ, قَالَ: وَفِي الْأَصْلَيْنِ خِلَافٌ, فَمَذْهَبُ "م": يُعَزَّرُ الْقَاتِلُ بَعْدَ الْعَفْوِ, وَمَذْهَبُ "هـ": لَا يَسْقُطُ حَدُّ الْقَذْفِ بِالْعَفْوِ, وَلِهَذَا تَرَدَّدَ مَنْ أَسْقَطَ الْقَتْلَ بِالْإِسْلَامِ, هَلْ يُؤَدَّبُ حَدًّا أَوْ تَعْزِيرًا عَلَى خُصُوصِ الْقَذْفِ وَالسَّبِّ؟ تَقَدَّمَ احْتِمَالٌ يُعَزَّرُ لِحَقِّ السَّلْطَنَةِ بَعْدَ عَفْوِ الْآدَمِيِّ, لِلتَّهْذِيبِ وَالتَّقْوِيمِ٣, فَدَلَّ مِنْ التَّعْلِيلِ عَلَى تَعْزِيرِ الْمُرْتَدِّ, وَهُوَ مِنْ الْقَاضِي اعْتِبَارٌ لِلْمَصْلَحَةِ الْمُرْسَلَةِ عَلَى عَادَتِهِ. وفي الأحكام السلطانية: وأما إن٤ لَمْ يَتُبْ أَوْ تَابَ وَلَمْ تُقْبَلْ ظَاهِرًا قُتِلَ فَقَطْ, جَعَلَهُ الْأَصْحَابُ أَصْلًا, لِعَدَمِ الْجَلْدِ مع الرجم ٥والله أعلم٥.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
١ في "ر" "ما أقبل".٢ في الأصل "قبل".٣ ص "١٠٦".٤ في الأصل "من" وفي "ط" "إذا".٥ ٥ ليست في "ر" و"ط".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute