أَنَّ السَّاحِرَ يُكَفَّرُ, وَهَلْ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ثُمَّ قَالَ: وَمِنْ السِّحْرِ السَّعْيُ بِالنَّمِيمَةِ وَالْإِفْسَادُ بَيْنَ النَّاسِ وَذَلِكَ شَائِعٌ عَامٌّ فِي النَّاسِ.
وَنَحْوُ مَا حُكِيَ أَنَّ امْرَأَةً أَرَادَتْ إفْسَادًا بَيْنَ زَوْجَيْنِ فَقَالَتْ لِلزَّوْجَةِ: إنَّ زَوْجَك يُعْرِضُ عَنْك, وَقَدْ سُحِرَ, وَهُوَ مَأْخُوذٌ عَنْك, وَأَنَا أَسْحَرُهُ لَك حَتَّى لَا يُرِيدَ غَيْرَك, وَلَكِنْ أُرِيدُ أَنْ تَأْخُذِي مِنْ شَعْرِ حَلْقِهِ بِالْمُوسَى ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ إذَا نَامَ, فَإِنَّ بِهَا يَتِمُّ الْأَمْرُ, وَذَهَبَتْ إلَى الرَّجُلِ فَقَالَتْ لَهُ: إنَّ امْرَأَتَك قَدْ عُلِّقَتْ بِغَيْرِك وَعَزَمَتْ عَلَى قَتْلِك وَأَعَدَّتْ لَك مُوسَى فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ لِنَحْرِك فَأَشْفَقْت لِشَأْنِك وَلَقَدْ لَزِمَنِي نُصْحُك. فَتَنَاوَمَ الرَّجُلُ فِي فِرَاشِهِ, فَلَمَّا ظَنَّتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ قد نام عمدت إلى الْمُوسَى١ وَأَهْوَتْ بِهَا إلَى حَلْقِهِ لِأَخْذِ الشَّعْرِ, فَفَتَحَ الرَّجُلُ عَيْنَيْهِ فَرَآهَا فَقَامَ إلَيْهَا وَقَتَلَهَا. وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ رُوِيَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: بَاعَ رَجُلٌ غُلَامًا عَلَى أَنَّهُ نَمَّامٌ, فَاشْتَرَاهُ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ, فَسَعَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ بِذَلِكَ, وَفِي آخِرِ الْقِصَّةِ: فَجَاءَ أَوْلِيَاؤُهَا فَقَتَلُوهُ, فَوَقَعَ الْقِتَالُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ. ثُمَّ قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: فَأَمَّا مَنْ يَسْحَرُ بِالْأَدْوِيَةِ وَالتَّدْخِينِ وَسَقْيِ شَيْءٍ مُضِرٍّ فَلَا يُكَفَّرُ وَلَا يُقْتَلُ وَيُعَزَّرُ بِمَا يَرْدَعُهُ. وَمَا قَالَهُ غَرِيبٌ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ يَقْصِدُ الْأَذَى بِكَلَامِهِ وَعَمَلِهِ عَلَى وَجْهِ الْمَكْرِ وَالْحِيلَةِ فَأَشْبَهَ السِّحْرَ, وَلِهَذَا يُعْلَمُ بِالْعَادَةِ وَالْعُرْفِ أَنَّهُ٢ يُؤَثِّرُ وَيُنْتِجُ مَا يَعْمَلُهُ السِّحْرُ أَوْ أَكْثَرُ, فَيُعْطَى حكمه, تسوية بين المتماثلين أو المتقاربين,
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
١ ليست في "ط".٢ في "ر" "لا".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute