الْمَغْصُوبَ لِرَبِّهِ يَرْتَفِعُ١ الْإِثْمُ بِالتَّوْبَةِ وَالضَّمَانُ بَاقٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ ابْتِدَاءُ الْفِعْلِ غَيْرُ مُحَرَّمٍ، كَخُرُوجِ مُسْتَعِيرٍ مِنْ دَارٍ انْتَقَلَتْ عَنْ الْمُعِيرِ، وَخُرُوجِ مَنْ أَجْنَبَ بِمَسْجِدٍ وَنَزَعَ مُجَامِعٌ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ، فَإِنَّهُ غَيْرُ آثِمٍ اتِّفَاقًا. وَنَظِيرُ الْمَسْأَلَةِ تَوْبَةُ مُبْتَدِعٍ لَمْ يَتُبْ مِنْ أَصْلِهِ، تَصِحُّ، وَعَنْهُ: لَا. اخْتَارَهُ ابْنُ شَاقِلَا، وَكَذَا تَوْبَةُ الْقَاتِلِ قَدْ تُشْبِهُ هَذَا وَتَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ.
وَحَقُّ الْآدَمِيِّ لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْأَدَاءِ إلَيْهِ، وَكَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ يَقْتَضِي ذَلِكَ: فَإِنَّهُ شَبَّهَهُ بِمَنْ تَابَ مِنْ قَتْلٍ أَوْ إتْلَافٍ مَعَ بَقَاءِ أَثَرِ ذَلِكَ، لَكِنَّهُ قَالَ٢: إنَّ تَوْبَتَهُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ تَمْحُو جَمِيعَ ذَلِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْإِثْمَ وَاللَّائِمَةَ وَالْمُعْتِبَةَ تَزُولُ عَنْهُ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَجِهَةِ الْمَالِكِ، وَلَا يَبْقَى إلَّا حَقُّ الضَّمَانِ لِلْمَالِكِ.
قَالَ شَيْخُنَا: هَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ التَّائِبَ بَعْدَ الْجُرْحِ أَوْ وُجُوبِ الْقَوَدِ لَيْسَ كَالْمُخْطِئِ ابْتِدَاءً، فَرَّقَتْ الشَّرِيعَةُ بَيْنَ الْمَعْذُورِ ابْتِدَاءً وَبَيْنَ٣ التَّائِبِ فِي أَثْنَائِهِ وَأَثَرِهِ.
وَأَبُو الْخَطَّابِ مَنَعَ أَنَّ حَرَكَاتِ الْغَاصِبِ لِلْخُرُوجِ طَاعَةٌ، بَلْ مَعْصِيَةٌ، فَعَلَهَا لِدَفْعِ أَكْثَرِ الْغَصْبَيْنِ٤ بِأَقَلِّهِمَا، وَالْكَذِبُ لِدَفْعِ قَتْلِ إنْسَانٍ، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ هُوَ الْوَسَطُ، وَكَذَا الْقَوْلُ فِيمَنْ أَضَلَّ غَيْرَهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ مُضِلٌّ، ومن لا يرى أنه
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
١ في الأصل: "ليرتفع".٢ ليست في الأصل، والمثبت من "ط".٣ ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".٤ في "ر": "المعصيتين".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute