الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ كِتَابِ الْجَنَائِزِ١. قَالَ شَيْخُنَا: عَمَلُ الْقَلْبِ كَالصَّبْرِ وَالتَّوَكُّلِ وَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ وَاجِبٌ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، قَالَ: وَلَمْ يَأْمُرْ الشَّرْعُ بِالْحُزْنِ، بَلْ نَهَى عَنْهُ فِي مَوَاضِعَ، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِأَمْرِ الدِّينِ، لَكِنْ لَا يُذَمُّ وَلَا يُحْمَدُ عَلَيْهِ لِمُجَرَّدِهِ، وَلَا يَلْزَمُ الرِّضَاءُ بِمَرَضٍ وَفَقْرٍ وَعَاهَةٍ، خِلَافًا لِابْنِ عَقِيلٍ، وَيَحْرُمُ الرِّضَا بِمَا فَعَلَهُ الْعَبْدُ مِنْ كفر ومعصية، ذكره ابن عقيل "ع". وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهًا: لَا يَرْضَى٢ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْمَقْضِيِّ، قَالَ: وَقِيلَ: يَرْضَى بِهَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا خَلْقًا لِلَّهِ، لَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا فِعْلًا لِلْعَبْدِ، قَالَ: وَكَثِيرٌ مِنْ النُّسَّاكِ وَالصُّوفِيَّةِ وَمِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ حَيْثُ رَأَوْا أَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَرَبُّهُ اعْتَقَدُوا أَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ الرِّضَا، وَالْمَحَبَّةَ لِكُلِّ ذَلِكَ٣، حَتَّى وَقَعُوا فِي قَوْلِ الْمُشْرِكِينَ: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا} [الأنعام: ١٤٨] ، الْآيَةُ، وَغَفَلُوا عَنْ كَوْنِ الْخَالِقِ نَهَى عَنْ ذَلِكَ وَأَبْغَضَهُ، وَسَبَبُ ذَلِكَ اشْتِبَاهُ مَسْأَلَةِ الشَّرْعِ وَالْقَدَرِ، وَيَتَمَسَّكُونَ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى الرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّهِ، وَهَذَا كَلَامٌ مُجْمَلٌ يَتَمَسَّكُ به القدرية المشركية.
١ ص ٢٥٦.٢ في "ب" و"س" و"ط": "لا يرضى".٣ في "س": "شيء".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute