"وَفِعْلِ الْفَرِيقَيْنِ" مِنْ الصَّحَابَةِ "إذْ قَالَ" النَّبِيُّ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ١ لَمَّا فَرَغَ مِنْ الأَحْزَابِ وَ٢أَمَرَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ بِالْمَسِيرِ إلَى بَنِي قُرَيْظَةَ: "لا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ الْعَصْرَ إلاَّ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ". يَرْجِعُ إلَى تَخْصِيصِ الْعُمُومِ بِالْقِيَاسِ وَعَدَمِهِ٣, فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا ذُكِرَ لَهُ: أَنَّ طَائِفَةً صَلَّتْ فِي الطَّرِيقِ فِي الْوَقْتِ، وَطَائِفَةً صَلَّتْ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ بَعْدَ الْوَقْتِ: لَمْ يَعِبْ طَائِفَةً مِنْهُمَا.
فَمَنْ أَخَّرَ الصَّلاةَ حَتَّى وَصَلَ إلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، أَخَذَ بِعُمُومِ قَوْلِهِ: "لا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ الْعَصْرَ إلاَّ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ".
وَمَنْ صَلَّى فِي الْوَقْتِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، أَخَذَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ: التَّأْكِيدُ فِي سُرْعَةِ الْمَسِيرِ إلَيْهِ، لا فِي تَأْخِيرِ الصَّلاةِ عَنْ وَقْتِهَا.
"وَالْمُصِيبُ" مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ "الْمُصَلِّي فِي الْوَقْتِ فِي قَوْلٍ" اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، لَكِنَّ٤ الْمُرَادَ مِنْ ذَلِكَ: التَّأَهُّبُ وَسُرْعَةُ الْمَسِيرِ، لا تَأْخِيرُ الصَّلاةِ.
وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: التَّمَسُّكُ بِالْعُمُومِ هُنَا أَرْجَحُ، وَأَنَّ الْمُؤَخِّرَ لِلصَّلاةِ حَتَّى وَصَلَ ٥بَنِي قُرَيْظَةَ هُوَ الْمُصِيبُ فِي فِعْلِهِ, وَاخْتِلافُ الْعُلَمَاءِ فِي الرَّاجِحِ مِنْ الْفِعْلَيْنِ يَدُلُّ عَلَى٦ أَنَّ كُلاًّ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ فَعَلَ مَا فَعَلَهُ بِاجْتِهَادٍ، فَلِذَلِكَ لَمْ يُعَنِّفْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَائِفَةً مِنْهُمَا.
١ ساقطة من ش ز ض.٢ ساقطة من ش.٣انظر: التمهيد ص ١٢٥.٤ في ش: لكن.٥ في ش ز ع.٦ ساقطة من ع.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute