كتاب تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف

الفصل السابع: طوائف من الشعراء - ٤ - شعراء الطرد والصيد - ج: 4 - ص: 491

ويعلوها الغبار لسرعة عدوها تصبح كأنها زوبعة أو عاصفة من بنات الرياح، مما يملؤك عجبا، وإذا هى قد صادت الطريد وضمته إلى نحرها وصدرها لا ضمّ حنان ولكن ضم عدوان، كضم المحبة من لا يحبها. وهو تصوير رائع. وللصنوبرى طرديات مختلفة، منها قوله فى باز (١):

ذو منسر أقنى ورسغ كزّ ... ومخلب لم يعد إشفا (٢) الخرز

مسربل مثل حبيك القزّ ... أو مثل جزع اليمن الأرزّى (٣)

لما لززنا الطير بعد اللّزّ ... بأسفل القاع وأعلى النّشز (٤)

آب لنا بالقبج والإوزّ ... من جبل صلد ومرج نزّ (٥)

وهو يصور منسره ومخالبه الحادة التى ينقضّ بها على الطير انقضاضا فلا تستطيع منه خلاصا، ويصور ثيابه من الريش كأنها الحرير أو كأنها الجزع أو الخرز اليمانى الذى تغنّى به امرؤ القيس، والطير مبثوثة فى القيعان وعلى المرتفعات وقد آب منها بكثير من الحجل والإوز. ومن قوله فى الطّرد ووصف كلابه وما صادت من الوحش (٦):

يا روضة من حلل ... ما خاطها خيّاط

الوحش فى أرجائها ... قبائل أخلاط

غاديتها ولم يقم ... أعلامها الغطاط (٧)

بأكلب لو لم تطر ... أطارها النشاط

فجئن والطّلّ على ... آذانها أقراط

انبسطت كالشّهب لا ... يعجزها انبساط

---

(١) ديوان الصنوبرى ص ١٣٣.
(٢) إشفا: مخرز.
(٣) حبيك: محبوك. القز: الحرير. والجزع اليمانى: خرز. أرزى: أبيض كالأرز.
(٤) النشز: المرتفعات.
(٥) القيج: الحجل. نزّ: به بعض المياه.
(٦) الديوان ص ٢٨٧.
(٧) الغطاط: القطا.