للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى هذه الأيام ورد الخبر على السلطان من بلاد الصعيد بموت الخليفة المستكفى بالله أبى الربيع سليمان بقوص فى مستهلّ شعبان، وأنّه قد عهد إلى ولده أحمد بشهادة أربعين عدلا، وأثبت قاضى قوص ذلك، فلم يمض السلطان عهده، وطلب إبراهيم بن محمد المستمسك ابن أحمد الحاكم بأمر الله فى يوم الاثنين ثالث [عشر «١» ] شهر رمضان، واجتمع القضاة بدار العدل على العادة، فعرّفهم السلطان بما أراد من إقامة إبراهيم فى الخلافة وأمرهم بمبايعته، فأجابوا بعدم أهليّته، وأنّ المستكفى عهد إلى ولده، واحتجّوا بما حكم به قاضى قوص، فكتب السلطان بقدوم أحمد المذكور. وأقام الخطباء بالقاهرة ومصر نحو أربعة أشهر لا يذكرون فى خطبتهم الخليفة. فلمّا قدم أحمد المذكور من قوص لم يمض السلطان عهده وطلب إبراهيم وعرّفه قبح سيرته فأظهر التّوبة منها، والتزم سلوك طريق الخير، فاستدعى السلطان القضاة وعرّفهم أنه قد أقام إبراهيم فى الخلافة، فأخذ قاضى القضاة عز الدين [عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن سعد الله «٢» ] بن جماعة يعرّف السلطان عدم أهليّته، فلم يلتفت السلطان اليه، وقال: إنّه قد ثاب، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له؛ فبايعوه ولقّب بالواثق، وكانت العامة تسمّيه المستعطى، فإنه كان يستغطى من الناس ما ينفقه.

ثمّ وصل الأمير تنكز إلى الديار المصرية فى يوم الثلاثاء ثامن «٣» المحرّم سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، وهو متضعّف صحبة الأمير بيبرس السّلاح دار، وأنزل بالقلعة فى مكان ضيّق، وقصد السلطان ضربه بالمقارع، فقام الأمير قوصون فى شفاعته حتّى أجيب إلى ذلك. ثم بعث السلطان إليه يهدّده حتّى يعترف بما له