قلت: على قدر الصعود يكون الهبوط، ما لتلك «١» الإحسان؟ والعظمة والمحبة الزائدة لتنكز قبل تاريخه إلا هذه الهمّة العظيمة فى أخذه والقبض عليه، ولكن هذا شأن الدنيا مع المغرمين بها!.
ثم إنّ الملك الناصر كثر قلقه من أمر تنكز وتنغّص عيشه وخرج العسكر المعيّن من القاهرة لقتال تنكز فى يوم الثلاثاء ثالث عشرين ذى الحجّة من سنة أربعين وسبعمائة. وكان حلاوة الأوجاقى قدم على الأمير ألطنبغا «٢» الصالحىّ نائب غرّة بملطّف. وفيه أنّه استقرّ فى نيابة الشام عوضا عن تنكز، وأنّ العسكر واصل إليه ليسيروا به إلى دمشق.
قلت: وألطنبغا نائب غزّة هو عدوّ تنكز الذي كان تنكز سعى فى أمره حتى عزله السلطان من نيابة حلب وولاه نيابة غزّة قبل تاريخه.
ثمّ سار حلاوة الأوجاقى إلى صفد وإلى الشام وأوصل الملطّفات إلى أمراء دمشق. ثم وصلت كتب ألطنبغا الصالحىّ إلى أمراء دمشق بولايته نيابة الشام.
ثم ركب الأمير طشتمر الساقى المعروف بحمّص أخضر نائب صفد إلى دمشق فى ثمانين فارسا، واجتمع بالأمير قطلوبغا الفخرىّ وسنجر البشمقدار «٣» وبيبرس السّلاح دار واتّفق ركوب الأمير تنكز فى ذلك اليوم إلى قصره فوق ميدان الحصى فى خواصه للنزهة، وبينما هو فى ذلك إذ بلغه قدوم الخيل من صفد، فعاد إلى دار السعادة «٤» وألبس مماليكه السلاح، فأحاط به فى الوقت أمراء دمشق،