ف“ ما ” هنا حِجَازِيَّةٌ مُعْمَلةٌ، وقد أتت في لغةِ تميميٍّ، وإن كانَ قد ارتكبَ محظوراً معَ إعمالِها، وهو تقديمُ خبرِها عليها، ولعلَّ هذا يندرجُ في التداخلِ النّحويِّ، وهو إعمالُ “ ما ” على لغةِ الحجازِ، وتقديمُ الخبرِ إلماحاً إلى لغةِ بني تميمٍ.
حكم التداخل: فيه للعلماءِ قولانِ:
* إجازتُه مطلقاً، ولعلَّ ابنَ جنّيٍّ أوّلُ من أفردَ له باباً في كتابه الخصائص (١) ، وأوّلُ من أجازَه بلا قيدٍ أو شرطٍ.
* اشتراطُ عدمِ استعمالِ لفظٍ مُهْمَلٍ ك“ الحِبُك ” (٢) . وسيأتي الحديثُ عن ذلك في التّداخلِ في كلمةٍ واحدةٍ.
* ومنهم من حملَ كل ما جاءَ في التداخلِ على الشذوذِ، ولهذا قالَ ابنُ جنّيٌّ صدرَ بابِ تركّبِ اللغاتِ:((اعلم أنّ هذا موضعٌ قد دعا أقواماً ضَعُفَ نظرُهم، وخفّتْ إلى تلقّي ظاهرِ هذهِ اللغةِ أفهامُهم؛ أن جمعوا أشياءَ على وجهِ الشذوذِ عندَهم وادَّعوا أنها موضوعةٌ في أصلِ اللغةِ على ما سمِعواه بأَخَرةٍ من أصحابِها، وأُنْسُوا ما كانَ ينبغي أن يذكروه، وأضاعوا ما كانَ واجباً أن يحفظوه)) (٣) .
صوره: للتداخلِ صورٌ متعدّدةٌ، نَعْرِضُ في هذا البحثِ الوجيزِ إلى بعضِها، ومنها: