، فكتابته من باب أولى. وقد استدل الحنابلة على ذلك بما يأتي:
١ - ما روي عن بعض الصحابة والتابعين: أنهم استكتبوا النصارى المصاحف، حيث روي عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ((أنه استكتب رجلاً نصرانيًا مصحفًا، فأعطاه ستين درهمًا)) (١) . وروي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ((أنه كتب له نصراني مصحفًا من أهل الحيرة بتسعين درهمًا)) (٢) . وروي نحو ذلك عن علقمة، وعن غيرهما من التابعين (٣) .
٢ - أن النهي إنما ورد عن مس القرآن، لا عن كتابته (٤) .
٣ - أن مس القلم للحرف كمس العود للحرف، وذلك جائز، فدل على جواز كتابة الكافر للمصحف إذا لم يمسه بيده (٥) .
القول الثاني:
أنه لا يجوز للكافر أن يكتب القرآن.
قال في الإنصاف:((قيل لأحمد: يعجبك أن تكتب النصارى المصاحف، قال: لا يعجبني. قال الزركشي: فأخذ من ذلك رواية بالمنع ... )) (٦) .
ولعل وجه هذا القول: صيانة القرآن، وإجلاله عن أن يمسه الكافر؛ لأن الكاتب لا يسلم غالبًا من مس المكتوب، فلا يؤمن الكافر أن يمس القرآن أثناء كتابته له، وذلك محرم عليه.
الترجيح:
(١) رواه أبو داود في كتاب المصاحف، ص، ١٤٨. (٢) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، ٦/٦٦، وأبو داود في كتاب المصاحف نحوه، ص، ١٤٩. (٣) رواه أبو داود في كتاب المصاحف، ص، ١٤٩. (٤) انظر: كشاف القناع، ١/١٣٥؛ مطالب أولي النهى، ١/١٥٥. (٥) انظر: الإنصاف، ١/٢٢٦، معونة أول النهى، ١/٣٦٠. (٦) ١/٢٢٦.