للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ح إن الروح القدس كان معروفاً في كلام الأنبياء المتقدمين والمتأخرين، وليس له مراد يخالف ظاهر ما دلت عليه نصوص الكتب الإلهية التي ورد الاستشهاد بعدة نصوص منها، يؤكد ذلك الإمام ابن تيمية رحمه الله إذ يقول: ((وأما روح القدس: فهي لفظة موجودة في غير موضع من الكتب التي عندهم، وليس المراد بها حياة الله باتفاقهم، بل روح القدس عندهم تحل في إبراهيم وموسى وداود وغيرهم من الأنبياء والصالحين، والقرآن قد شهد أن الله أيد المسيح بروح القدس، كما قال الله تعالى: ((وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس)) (١٨٨) ، في موضعين من البقرة (١٨٩) ، وقال تعالى: ((يا عيسى بن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس)) (١٩٠) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت: ((إن روح القدس معك ما دمت تنافح عن نبيه)) (١٩١) ، وقال: ((اللهم أيده بروح القدس)) (١٩٢) ... وروح القدس قد يراد بها الملك المقدس كجبريل، ويراد بها الوحي، والهدى والتأييد الذي ينزله الله بواسطة الملك أو بغير واسطته، وقد يكونان متلازمين فإن الملك ينزل بالوحي، والوحي ينزل به الملك، والله يؤيد رسله بالملائكة وبالهدى.. قال تعالى: ((يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده، لينذر يوم التلاق)) (١٩٣) ، وقال تعالى: ((أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه)) (١٩٤) ... وإذا كان روح القدس معروفاً في كلام الأنبياء المتقدمين والمتأخرين أنها أمر ينزله الله على أنبيائه وصالحي عباده سواء كان ملائكة تنزل بالوحي والنصر، أو وحياً وتأييداً مع الملك وبدون الملك، وليس المراد بروح القدس أنها حياة الله القائمة به، كما قال (المسيح) : ((عمدوا الناس باسم الأب والابن وروح القدس)) (١٩٥) ، ومراده مروا الناس أن يؤمنوا بالله ونبيه الذي أرسله، وبالملك الذي أنزل عليه الوحي الذي جاء به، فيكون ذلك أمراً لهم بالإيمان

<<  <  ج: ص:  >  >>