للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج أن في قول نبي الله يحيى بن زكريا في إنجيل متى: ((أنا أعمدكم بماء للتوبة ولكن الذي يأتي من بعدى هو أقوى مني الذي لست أهلاً أن أحمل حذاءه هو سيعمدكم بالروح القدس ونار)) (١٧٨) ، وقوله أيضاً في إنجيل لوقا: ((أنا أعمدكم بماء ولكن يأتي من هو أقوى مني الذي لست أهلاً أن أحل سيور حذائه، هو سيعمدكم بالروح القدس ونار)) (١٧٩) ، فهذه النصوص تدل على أن التعميد لم يكن باسم الثالوث المقدس كما يعتقد النصارى بل هو بروح القدس فقط، وهذا هو الذي اتفقت عليه نصوصهم المقدسة، أن يحيى عليه السلام شهد وبلغ بني إسرائيل بأن المسيح سيعمدهم بروح القدس، وهذا يدل على بطلان اعتقاد النصارى أن المسيح أمر تلاميذه على زعمهم أن يعمدوا الناس باسم الثالوث المقدس حين قال: ((فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الأب والابن والروح القدس)) (١٨٠) ، علماً أنه لم يرد عن المسيح عليه السلام في الأناجيل والرسائل أنه عمد أحداً من أتباعه باسم الروح القدس، أو بأي واحد من الأقانيم الثلاثة، ولو كان هذا هو الاعتقاد الحق لأمر أتباعه بذلك، بل لقد صرح أن الروح القدس الذي يعلمهم كل شيء لم يأت بعد؛ لأنه سيأتي في وقت لاحق، إذ قال عليه السلام: ((وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي، فهو يعلمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلته لكم)) (١٨١) ، وقال عليه السلام: ((وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق، لأنه لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم به)) (١٨٢) ، وقوله أيضاً: ((ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي)) (١٨٣) ، فكيف يكون الروح القدس إلهاً ثالثاً وهو لم يأت بعد؟ وكيف يتعمدون باسم الثالوث المقدس وهم ليسوا على يقين هل جاء كما أخبر المسيح، أم أنه ما زال منتظراً، وأي حاجة لهم بانتظار من يأتي من بعده، وهم قد غفرت ذنوبهم بموت المسيح على

<<  <  ج: ص:  >  >>