للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

((عمدوهم على تركهم هذا القول، كما يقول القائل: كل على اسم الله، وامش على اسم الله، أي على بركة اسم الله، ولم يعين الآب والابن من هما؟ ولا المعنى المراد بهما؟ فلعله أراد بالآب هنا: الملك الذي نفخ في مريم أمه الروح، إذ نفخه سبب علوق أمه وحبلها به، وأراد بالابن: نفسه، إذ خلقه الله تعالى من نفخة الملك، فالنفخة له بمثابة النطفة في حق غيره، ثم لا يبعد أيضاً في التأويل إن صح عن عيسى عليه السلام أنه كان يطلق على الله لفظ الأب أن يكون مراده به: أنه ذو حفظ له، وذو رحمة وحنان عليه، وعلى عباده الصالحين، فهو لهم بمنزلة الأب الشفيق الرحيم، وهم له في القيام بحقوقه وعبادته بمنزلة الولد البار، ويحتمل أن يكون تجوز بإطلاق هذا اللفظ على الله تعالى، لأنه معلمه وهاديه ومرشده، كما يقال: المعلم أبو المتعلم، ومن هذا قوله تعالى في كتابنا: ((ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل)) (١٣٧) ، على أحد تأويلاته، ومن هذين التأويلين: يصح حل ما وقع في أناجيلهم من هذا اللفظ، بل هذان التأويلان ظاهران وسائغان فيها)) (١٣٨) .

ثم ذكر القرطبي شواهد من أناجيلهم، تدل على أن التأويل الذي ذهب إليه، هو الحق في بيان مراد المسيح من قوله لحوارييه عمدوا الناس باسم الآب والابن والروح القدس (١٣٩) .

ومن الشواهد من أناجيلهم التي ترد تأويلهم الباطل وتبطله، ما يأتي:

<<  <  ج: ص:  >  >>