((مثل الله مثل ملاك الرب)) (١١٩) ، وقال الوحي عن يعقوب:((جاهد مع الله، جاهد مع الملاك)) (١٢٠) ، وقال يعقوب عندما رأى ولدي يوسف:((الله الذي رعاني، الملاك الذي خلصني، يبارك الغلامين)) (١٢١) ، ثم يعلق عوض سمعان على هذه النصوص بقوله:((إن كلمة (ملاك) ليست في الأصل اسماً للمخلوق الذي يعرف بها، بل إنها اسم للمهمة التي يقوم بها، وهذه المهمة هي تبليغ الرسائل، فالاصطلاح (ملاك الرب) معناه حسب الأصل: ((المبلغ لرسائل الرب)) ولما كان الرب هو خير من يقوم بتبليغ رسائله؛ لأن كل ما عداه محدود، والمحدود لا يستطيع أن يعلن إعلاناً كاملاً ذات أو مقاصد غير المحدود، لذلك يحق أن يسمى الرب من جهة ظهوره لتبليغ رسائله ((ملاك الرب)) بمعنى المعلن لمقاصده أو المعلن لذاته، وبالحري بمعنى ((ذاته معلناً أو متجلياً)) لأنه لا يعلن ذات الله سوى الله)) (١٢٢) .
هذا التأويل الباطل الذي جاء به النصارى لنصوص التوراة بعد أكثر من ألفي سنة من نزولها على موسى عليه السلام، وعلى الأنبياء من بعده، لم يكن هذا التأويل معروفاً عند من نزلت عليهم، بل كانوا على علم أن الذي يأتيهم بالوحي ويتحدث إليهم هم ملائكة الله، وليس الله ذاته، وكذلك لم يكن هذا التأويل معروفاً عند اليهود وهم أهل التوراة الذين لم يفهموا منها سوى ما بلغهم به أنبياؤهم، بدليل ماسبق ذكره عند الحديث عن حقيقة الروح القدس عند اليهود في المطلب الأول من المبحث الأول.