والتحقيق: أنّ هذا المعنى داخلٌ في الأول، فمن أنبأه الله، وجعله مُنْبِئَاً عنه، فلا يكون إلا رفيع القدر عليّاً.
وأما لفظ العلو والرفعة: فلا يدل على خصوص النبوة؛ إذ كان هذا يوصف به من ليس بنبي، بل يوصف بأنه الأعلى؛ كما قال:{وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ} ١.
هل لفظ النبي مهموز أم لا؟
وقراءة الهمز٢ قاطعةٌ بأنّه مهموز.
وما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال:"أنا نبي الله ولست بنبيء الله": فما رأيت له إسناداً؛ لا مسنداً، ولا مرسلاً٣، ولا رأيته في شيء من كتب الحديث، ولا [السير] ٤ المعروفة، ومثل هذا لا يعتمد عليه.
واللفظان٥ مشتركان في الاشتقاق الأكبر؛ فكلاهما فيه النون والباء، وفي هذا الهمزة، وفي هذا [الحرف] ٦ المعتل.
لكنّ الهمزة أشرف، فإنّها أقوى، قال سيبويه: هي نبوّة من الحلق، تشبه التهوّع، فالمعنى الذي يدلّ عليه، ويُمكن أن تلين، [فتصير] ٧ حرفاً معتلاً، فيُعبّر عنه باللفظين، بخلاف المعتل؛ فإنّه لا يُجعل همزة.
١ سورة آل عمران، الآية ١٣٩. ٢ وهي قراءة نافع التي سبقت الإشارة إليها قريباً. ٣ ذكره ابن منظور نقلاً عن سيبويه. انظر: لسان العرب ١١٦٢. ومفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني ص ٧٩٠. والنهاية في غريب الحديث ٥٣. وشرح الأصول الخمسة لعبد الجبار المعتزلي ص ٥٦٧. ٤ في ((خ)) : اليسير. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) . ٥ النبيّ، والنبيء. ٦ في ((خ)) : الخرق. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) . ٧ في ((خ)) : فيصير. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .