ولهذا كان [مكذّبوا] ٢ الرسل يجعلون آياتهم من جنس السحر، وهذا مستقرٌ في نفوسهم: أنّ الساحر ليس برسولٍ، ولا نبيّ؛ كما في قصة موسى لما قالوا:{إِنَّ [هَذَا] ٣ لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُون} ٤، قال تعالى:{كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُون} ٥؛ وهذا لحيرتهم، وضلالتهم؛ تارةً يُنسبون إلى الجنون، وعدم العقل؛ وتارة إلى الحذق، والخبرة التي [يُنال] ٦ بها السحر؛ فإنّ السحر لا يقدر عليه، ولا يُحسنه كلّ أحد، لكن العجائب، والخوارق المقدورة للناس٧؛ منها ما سببه من الناس بحذقهم في ذلك الفنّ؛ كما يحذق الرجل
١ العيافة: زجر الطير، والتفاؤل بأسمائها، وأصواتها، وممرّها، وهو من عادة العرب كثيراً. لسان العرب ٩٢٦١. وجاء في الحديث: أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ العيافة، والطرق، والطيرة من الجبت". قال عوف: العيافة: زجر الطير. والطرق: الخط في الأرض. والجبت قال الحسن: إنّه الشيطان. مسند الإمام أحمد ٥٦٠. وانظر تيسير العزيز الحميد ٣٩٨-٤٠٠. ٢ في ((م)) ، و ((ط)) : مكذبو. ٣ ما بين المعقوفتين ملحق بهامش ((خ)) . ٤ سورة الأعراف، الآيتان ١٠٩-١١٠. ٥ سورة الذاريات، الآية ٥٢. ٦ في ((خ)) : نال. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) . ٧ انظر الكلام على الشعوذة والعجائب التي يتقنها بعض الناس، ويبرزوا فيها في: البيان للباقلاني ص ٢٢-٢٧. والأصول الخمسة لعبد الجبار ص ٥٧٢-٥٧٣. والفصل لابن حزم ٥٤-٥. والمواقف للإيجي ص ٣٤٥. وشرح المقاصد ٣٣٤٧-٣٤٨. والفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ص ٣٦٨. وتفسير ابن كثير ١١٤٦