ومن هذا الباب: تسمية المعبودين آلهة؛ سمّوها بما لا [تستحقّه] ١؛ كما يُسمّى الجاهل عالماً، والعاجز قادراً، والكذَّاب نبيّاً؛ فلهذا قال تعالى:{إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ بِهًا مِنْ سُلْطَان} ٢
النوع الثاني من الدلالة القصدية
والنوع الثاني من هذه الدلالة القصدية٣: أن يقصد الدالّ الدلالة من غير مواطأة مع المستدلين على أنّه دليل، لكن هم يعلمون أَنْ قَصَدَ الدلالة؛ لعلمهم بأحواله؛ مثل: ما يرسل الرجل شيئاً من ملابسه المختصّ به مع شخص، فيعلمون أنّه أرسلها علامة على أنه أرسله.
قال سعيد بن جبير: عن ابن عباس: {إِنَّ في ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} ٤: قال: العلامة تكون بين الرجل وأهله. راوه ابن المنذر٥: حدثنا موسى بن هارون، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا وكيع، عن سفيان، عن سماك، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. ورواه ابن أبي حاتم٦: ثنا أبو سعيد؛ ابن يحيى بن سعيد القطان، ثنا أبو أسامة، حدثني سفيان، عن سماك، عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس:{إِنَّ في ذَلِكَ لآيَة} : قال: علامة، ألم تر إلى الرجل إذا أراد أن يرسل إلى أهله في حاجة، أرسل بخاتمه، أو بثوبه، فعرفوا أنّه حق٧؛
١ في ((خ)) : يستحقّه. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) . ٢ سورة النجم، الآية ٢٣. ٣ تقدّم ذكر النوع الأول من هذه الدلالة في ص ٩١٦ من هذا الكتاب. ٤ سورة الحجر، الآية ٧٧. ٥ انظر الدر المنثور للسيوطي ٤١٠٣. وكذا انظر تفسير الطبري ١٤٤٧. ٦ لم أقف عليه في الموجود بين أيدينا من تفسير ابن أبي حاتم. وانظر: تفسير الطبري ١٤٤٧. والدر المنثور للسيوطي ٤١٠٣. ٧ انظر: تفسير الطبري ١٤٤٧.