فأدخل معنى العلو في اسمه الظاهر؛ لأنّ الظاهر يعلو، والعالي يظهر. وكذلك العالي يُعرف قبل غيره، ومنه قيل: عُرف الديك: أصله فُعل؛ بمعنى مفعول؛ أي معروف؛ كما يقال: كُره؛ بمعنى مكروه، ومنه الأعراف؛ وهي: أمكنة عالية بين الجنّة والنار١. وقد قيل في قوله:{وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ} ٢: إن العلامات هي النجوم؛ منها: ما يكون علامة لا يهتدي به، ومنها: ما يهتدى به٣. وقول الأكثرين أصحّ٤؛ فإنّ العلامات كلّها
١ قال تعالى: {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلّاً بِسِيمَاهُمْ..} [الأعراف، ٤٦] . والأعراف في اللغة: المكان المشرف. قال ابن عباس رضي الله عنهما: "الأعراف سورٌ له عرفٌ كعرف الديك. تفسير القرطبي ٧١٣٥. وقد ذكر القرطبي رحمه الله عشرة أقوال للعلماء في المراد بأصحاب الأعراف. انظر: تفسير القرطبي ٧١٣٥-١٣٦. ٢ سورة النحل، الآية ١٦. ٣ وذكر ابن الجوزي في تفسير قوله تعالى: {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [سورة النحل ١٦] أنّ المراد بالنجم أربعة أقوال: أحدها: أنّه الثريا، والفرقدان، وبنات نعش، والجدي؛ قاله السدي. والثاني: أنّه الجدي، والفرقدان؛ قاله ابن السائب. والثالث: أنّه الجدي وحده، لأنّه أثبت النجوم كلها في مركزه؛ ذكره الماوردي. والرابع: أنّه اسم جنس، والمراد جميع النجوم. زاد المسير ٤٤٣٦. وانظر تفسير القرطبي ١٠٦١. ٤ قال أبو جعفر النحاس رحمه الله: والذي عليه أهل التفسير، وأهل اللغة سواء أنّ النجم هاهنا بمعنى النجوم. معاني القرآن الكريم لأبي جعفر النحاس ٤٦١. وعليه تحمل القراءات: (وبالنُّجْم) ، و (وبالنُّجُم) ، و (بالنُّجوم) ؛ فيكون (النجم) اسم جنس، ويُراد به جميع النجوم. انظر زاد المسير لابن الجوزي ٤٤٣٦.