لمّا ذكر أقسام اللّذّات١، وأنّ اللّذّة العقليّة هي الحقّ؛ وهي لذّة العلم، وأنّ شرف العلم بشرف المعلوم؛ وهو الربّ، وأنّ العلم به ثلاث مقامات: العلم بالذات، والصفات، والأفعال. قال: وعلى كلّ مقامٍ عقدة؛ فالعلم بالذات فيه أنّ وجود الذات: هل هو زائد عليها أم لا؟ وفي الصفات: هل الصفات زائدة على الذات أم لا؟ وفي الأفعال: هل الفعل مقارنٌ أم لا؟. ثمّ قال: ومن الذي وصل إلى هذا الباب؟ أو من الذي ذاق من هذا الشراب؟
نهاية إقدام العقول عقال وأكثر سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في وحشةٍ من جسومنا وغاية دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
لقد تأمّلتُ الطرق الكلاميّة، والمناهج الفلسفيّة، فما رأيتُها تشفي عَليلاً، ولا تروي غليلاً، ورأيتُ أقرب الطرق طريقة القرآن؛ اقرأ في الإثبات:{الرَّحْمَنُ عَلَىْ الْعَرْشِ اسْتَوَىْ} ٢، {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ والْعَمَلُ الصَّاْلِحُ يَرْفَعُهُ} ٣، واقرأ في النفي:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ٤، {وَلا يُحِيْطُوْنَ بِهِ عِلْمَاً} ٥. ومن جرَّب مثل تجربتي، عرف مثل معرفتي٦.
١ ذكر ذلك في كتابه: أقسام اللذات. وقد قال د محمد رشاد سالم عن هذا الكتاب: "وهذا الكتاب مخطوط بالهند، ولم يذكره بروكلمان ضمن مؤلفات الرازي". حاشية درء تعارض العقل والنقل ١١٦٠. ٢ سورة طه، الآية ٥. ٣ سورة فاطر، الآية ١٠. ٤ سورة الشورى، الآية ١١. ٥ سورة طه، الآية ١١٠. ٦ ذكر شيخ الإسلام رحمه الله هذا النص عن الرازي في كثير من كتبه، وكذلك تلميذه ابن القيم، والذهبي، مع اختلاف يسير في ألفاظه. وقد سبق أن ذُكر في ص ٣٥٧-٣٥٨ من هذا الكتاب. وانظر: مجموع الفتاوى ٤٧٢-٧٣. ودرء تعارض العقل والنقل ١١٥٩-١٦٠. وبيان تلبيس الجهمية ١١٢٨-١٢٩. ومنهاج السنة النبوية ٥٢٧٠-٢٧٢. واجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم ص ٣٠٥-٣٠٦. والمنار المنيف في الصحيح والضعيف ص ٨٥. والصواعق المنزلة - تحقيق د أحمد بن عطية الغامدي، ود علي ابن ناصر الفقيهي - ١٧٠. وسير أعلام النبلاء - عند ترجمة الرازي - ٢١٥٠١. والبداية والنهاية لابن كثير ١٣٥٤. وطبقات الشافعية للسبكي ٨٩٦. وشرح الطحاوية ١٢٤٤.