ولفظ دعاء الله في القرآن١ يُراد به دعاء العبادة، ودعاء [المسألة] ٢؛ فدعاء العبادة يكون الله هو المراد به، فيكون الله هو المراد. ودعاء المسألة يكون المراد منه٣؛ كما في قول المصلّي:{إِيَّاْكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاْكَ نَسْتَعِيْنُ} ٤؛ فالعبادة إرادته، والاستعانة وسيلة إلى العبادة إرادة المقصود، وإرادة الاستعانة إرادة الوسيلة إلى المقصود، ولهذا قدّم قوله:{إِيَّاْكَ نَعْبُدُ} ، وإن كانت لا تحصل إلا بالاستعانة؛ فإنّ العلّة الغائيّة مقدّمة في التصوّر والقصد، وإن كانت مؤخّرة في [الوجود] ٥ والحصول، وهذا إنّما يكون لكونه هو المحبوب لذاته.
لكن المراد به محبّة مختصة به على سبيل الخضوع له والتعظيم، وعلى سبيل تخصيصها به؛ فيُعبّر عنها بلفظ الإنابة، والعبادة، ونحو ذلك؛ [إذ] ٦ كان لفظ المحبّة (جنس عامّ) ، يدخل فيه أنواع كثيرة، فلا يرضى لله
١ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدعاء هو العبادة"، وقرأ: {وَقَاْلَ رَبُّكُمُ ادْعُوْنِيْ أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاْخرِيْنَ} [سورة غافر، الآية ٦٠] . والحديث أخرجه الترمذيّ، وقال: هذا حديث حسن صحيح. ٢ في ((خ)) : للمسألة. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) . ٣ أي من الله تعالى. والدعاء ينقسم إلى نوعين: دعاء مسألة: وهو سؤال الله تعالى بأسمائه الحسنى ما ينفع الداعي وطلب كشف ما يضره. ودعاء عبادة: وهو التعبّد لله تعالى بمقتضى هذه الأسماء التي فيها ثناء على الله تعالى، والنوعان متلازمان. قال الله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} الآيات وفيها: {وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعا} وقد اشتملت الآية على النوعين، قيل: أعطيه إذا سألني، قيل: أثيبه إذا عبدني. انظر: مجموع الفتاوى ٥٢١١، ١٥١٠-١١. واقتضاء الصراط المستقيم ٢٧٧٨-٧٧٩. وبدائع الفوائد١١٦٤، ٣٢-٣. وزاد المعاد ١٣٣٥. وتيسير العزيز الحميد ص ٢١٦، ٦٤٠. ٤ سورة الفاتحة، الآية ٥. ٥ في ((خ)) : الوجد. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) . ٦ في ((ط)) : إذا. وما أثبت من ((خ)) ، و ((م)) .