للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك إذا خلق في محلّ مظلمٍ وضيّق؛ كما خلق الإنسان في ظلمات ثلاث، كان أبلغ في قدرة القادر، وأدلّ على عبودية الإنسان، وذلّه لربّه، وحاجته إليه.

وقد يقول [المعيّر] ١ للرجل: مالك أصل ولا فصل٢، و [لكنّ] ٣ الإنسان أصله التراب، وفصله الماء المهين.

ولهذا لمّا خُلق المسيح من غير أب، وقعت به الشبهة لطائفة٤، وقالوا: إنّه ابن الله، مع أنّه لم يُخلق إلاَّ من مادّة أمّه، ومن الروح التي نُفخ فيها؛ كما قال تعالى: {وَمَرْيَمَ ابنَةَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا} ٥، [وقال تعالى أيضاً] ٦: {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرَاً سَوِيَّاً قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيَّاً قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ [لأَهَبَ] ٧ لَكَ غُلامَاً زَكِيَّاً} ٨؛ فما خلق من غير مادة [يكون] ٩ كالأب له، قد يظن فيه أنّه ابن الله، وأنّ الله خلقه من ذاته.


١ في ((خ)) رسمت هكذا: المعري. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٢ في مجمع الأمثال للميداني: "لا أصل له ولا فصل". قال الكسائي: "الأصل: الحسب، والفصل: اللسان؛ يعني النطق". مجمع الأمثال ٢٢٨٥. وانظر: اللسان ١١١٧، مادة أصل.
٣ ما بين المعقوفتين ليس في ((خ)) ، وهو في ((م)) ، و ((ط)) .
٤ المقصود بهم النصارى.
٥ سورة التحريم، الآية ١٢.
٦ ما بين المعقوفتين ليس في ((خ)) ، وهو في ((م)) ، و ((ط)) .
٧ في ((خ)) : ليهب.
٨ سورة مريم، الآيات ١٧-١٩.
٩ في ((م)) ، و ((ط)) : تكون.

<<  <  ج: ص:  >  >>