للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنّ الرازي توقّف في آخر أمره فيه؛ كما ذَكَرَ ذلك في نهاية العقول١. وذُكِر أيضاً عن أبي الحسين البصري٢، وأبي المعالي٣ أنّهما توقّفا فيه٤.

والمقصود أنّ القائلين بالجوهر الفرد يقولون: إنّما أحدث أعراضاً لجمع الجواهر وتفريقها. فالمادّة٥ التي هي الجواهر المنفردة باقية عندهم بأعيانها، ولكن أحدث صوراً هي أعراض قائمة بهذه الجواهر٦.


١ انظر: نهاية العقول - مخطوط - ق ٦٧أ.
٢ هو أبو الحسين؛ محمد بن علي الطيب البصري. ولد في البصرة، ودرس في بغداد على القاضي عبد الجبار. من متأخري المعتزلة، ومن أئمتهم. وقال عنه ابن حجر: "شيخ المعتزلة، ليس بأهل للرواية". مات سنة ٤٣٦?. انظر: لسان الميزان ٥٥٩٨. وشذرات الذهب ٣٥٩.
٣ الجويني.
٤ بل إنّ أكثر طوائف أهل الكلام لم يتكلّموا به. انظر: من كتب ابن تيمية: درء تعارض العقل والنقل ٤١٣٥-١٣٦. والرد على المنطقيين ص ٦٧. ومجموع الفتاوى ١٢٣١٨. ومنهاج السنة النبوية ٢٢١١. وتفسير سورة الإخلاص ص ٨٦.
٥ المادّة تُسمّى عند المتفلسفة: هيولى. وهي أحد جُزأي الجسم، والجزء الآخر هو الصورة. وكلّ جزء من هذا الجسم محلّه الجزء الآخر. فالصورة صورة للمادة؛ أي أنّها تحلّ بها. والمادّة محلّ للصورة. انظر: التعليقات للفارابي ص ٤١، ٤٣، ٦٠. والمبين في ألفاظ الحكماء والمتكلمين للآمدي ص ١١٠.
يقول شيخ الإسلام: "التحقيق أنّ المادّة والصورة لفظ يقع على معان؛ كالمادّة والصورة الصناعيّة، والطبيعيّة، والكليّة، والأوليّة. فالأوّل: مثل الفضة إذا جعلت درهماً وخاتماً وسبيكةً، والخشب إذا جُعل كرسيّاً، واللبِن والحجر إذا جعل بيتاً، والغزل إذا نُسج ثوباً، ونحو ذلك. فلا ريب أنّ المادّة هنا التي يُسمّونها الهيولى هي أجسام قائمة بنفسها، وأنّ الصورة أعراض قائمة بها، فتحوُّل الفضة من صورة إلى صورة هو تحوُّلها من شكل إلى شكل، مع أنّ حقيقتها لم تتغيّر أصلاً". درء تعارض العقل والنقل ٣٨٤.
٦ انظر: منهاج السنة النبوية ٢١٣٩-١٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>