للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قائمة بنفسها، بل القرآن يُبيِّن أنّ في خلق الأعيان القائمة بنفسها آيات، ويذكر الآيات في خلق الأعيان والأعراض؛ كقوله: {إِنَّ فِيْ خَلْقِ السَّمَوَاْتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَاْرِ وَالْفُلْكِ الَّتِيْ تَجْرِيْ فِيْ الْبَحْرِ بِمَاْ يَنْفَعُ النَّاْسَ} ١، وهي أعيان. ثمّ قال: [ {وَمَاْ أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاْءِ مِنْ مَاْءٍ} ، والماء عينٌ قائمةٌ بنفسها. وقوله:] ٢ {فَأَحْيَاْ بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَاْ} ٣؛ هو ما يخلقه فيها من النبات، وهو أعيان. وكذلك قوله: {وَبَثَّ فِيْهاْ مِنْ كُلِّ دَاْبَّة} ، وقوله: {وَتَصْرِيْفِ الرِّيَاْحِ} ؛ فالرياح أعيان، وتصريفها أعراض. وقوله: {وَالسَّحَاْبِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاْءِ وَالأَرْضِ} ، والسحاب أعيان. {لآيَاْتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُوْنَ} ٤.

وقد تقدّم٥ أنّ أصل الاشتباه في هذا أنّ خلقَ الشيء من مادّة، هل هو خلق عين، أم إحداث اجتماع [و] ٦ افتراق وأعراض فقط.

اختلاف الناس في خلق الشيء هل هو خلق عين، أم إحداث اجتماع وافتراق على ثلاثة أقوال

والناس مختلفون في هذا على ثلاثة أقوال٧: فالقائلون بالجواهر المفردة٨ من أهل الكلام القائلون بأنّ الأجسام مُركّبة من الجواهر الصغار التي قد بلغت من الصغر إلى حدّ لا يتميّز منها جانب عن جانب يقولون: تلك الجواهر باقية تنقّلت في الحوادث، ولكن تعتقب عليها الأعراض الحادثة. والاستدلال بالأعراض على حدوث ما يلزمه من الجواهر، ثمّ


١ سورة البقرة، الآية ١٦٤.
٢ ما بين المعقوفتين ليس في ((ط)) ، وهو في ((خ)) ، و ((م)) .
٣ سورة البقرة، الآية ١٦٤.
٤ سورة البقرة، الآية ١٦٤.
٥ انظر: ما تقدم ص ٣٤٥-٣٥١، وما سيأتي ص ١٣٤٠-١٣٤٩ من هذا الكتاب.
٦ ليست في ((خ)) . وأثبتها من ((م)) ، و ((ط)) .
٧ وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله اختلاف الناس وأقوالهم في هذه المسألة.. انظر: منهاج السنة النبوية ٢١٤٠-١٤٢. ومجموع الفتاوى ١٧٢٤٣-٢٤٥. ودرء تعارض العقل والنقل ٣٨٣-٨٦.
٨ تقدم تعريف الجوهر الفرد ص ٣٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>