بل في سورة الأنبياء كان المقصود ذكر الأنبياء، ولهذا سميت سورة الأنبياء؛ فذكر فيها إكرامه للأنبياء، وإن لم يذكر قومهم؛ كما ذكر قصة داود، وسليمان١، وأيوب٢، وذكر آخر الكلّ:{إِنَّ هَذِهِ أُمّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَة} ٣، وبدأ فيها بقصة إبراهيم٤؛ إذ كان المقصود ذكر إكرامه للأنبياء قبل محمّد وإبراهيم؛ أكرمهم على الله تعالى، وهو خير البرية، وهو [أبو] ٥ أكثرهم، إذ ليس هو [أبا] ٦ نوحٍ ولوط، لكن لوط من أتباعه٧، وأيوب من ذريته؛ بدليل قوله في سورة الأنعام:{وَمِنْ ذُرِّيَتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ} ٨.
وأمّا سورة مريم: فذكر الله تعالى فيها إنعامه على الأنبياء المذكورين فيها؛ فذكر فيها رحمته زكريا، وهبته يحيى٩، وأنه ورث نبوته، وغيرها
١ قال تعالى: {وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ} إلى قوله: {وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ} . سورة الأنبياء، الآيات ٧٨-٨٢. ٢ قال تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ ... } .. سورة الأنبياء، الآيتان ٨٣-٨٤. ٣ سورة الأنبياء، الآية ٩٢. ٤ وهي تبدأ من قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ..} . من آية ٥١، إلى آية ٧٣. ٥ في ((خ)) ، و ((م)) ، و ((ط)) : أب. والصحيح: أبو. ٦ في ((خ)) ، و ((م)) ، و ((ط)) : أب. والصحيح: أبا. ٧ قال تعالى: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} . سورة العنكبوت، الآيتان ٢٦-٢٧. ٨ سورة الأنعام، الآية ٨٤. ٩ في ((ط)) فقط: عليهما السلام.