نفرته ﷺ من تلك الأوثان التي كان يعكف عليها أهل مكة.
ولقد كان النبي ﷺ لا يحضر مع أهل سكة ما يقيمونه من أعياد لأصنامهم فعن ابن عباس ﵄ قال: حدثتني أم أيمن (١) قالت: كان ببوانة صنم يحضره قريش يوما في السنة، وكان أبو طالب (٢) يحضره مع قومه، وكان يكلم رسول الله ﷺ أن يحضر ذلك العيد مع قومه فيأبى حتى رأيت أبا طالب غضب عليه، ورأيت عماته غضبن عليه يومئذ أشد الغضب وجعلن يقلن: إنا نخاف عليك مما تصنع من اجتناب، آلهتنا وجعلن يقلن يا محمد: ما تريد أن تحضر لقومك عيدا ولا تكثر لهم جمعًا، فلم يزالوا به حتى ذهب فغاب عنهم ما شاء الله ثم رجع إلينا مرعوبا فزعا فقلن عماته: ما دهاك؟ قال:"إني أخشى أن يكون بي لمم"، فقلن: ما كان الله ليبتليك بالشيطان وفيك من خصال الخير ما فيك فما الذي رأيت؟ قال:"إني كلما دنوت من صنم منها تمثل لي رجل أبيض طويل يصيح بي وراءك يا محمد لا تمسه" فما عاد إلى عيد لهم حتى تنبئ" (٣).
كما عُصم ﷺ من الحلف بأسماء تلك الأصنام التي كان يعبدها قومه ويحلفون بها تعظيما لها فقد جاء في قصة بحيرى الراهب (٤) أنه
(١) أم أيمن: مولاة النبي ﷺ وحاضنته، واسمها: بركة بنت ثعلبة، وهي أم أسامة بن زيد بن حارثة. الإصابة (٤/ ٤١٥، ٤١٦). (٢) أبو طالب بن عبد المطلب: عم النبي ﷺ، شقيق أبيه، كفل النبي ﷺ وذبَّ عنه ونصره بعد بعثته ولم يمت على الإسلام. الإصابة (٤/ ١١٥، ١١٨). (٣) أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة (ص ١٤٤). وأورده السيوطي في الخصائص الكبرى (١/ ١٥١) وعزاه إلى ابن سعد وأبي نعيم وابن عساكر. (٤) راهب من رهبان النصارى يقال: إنه كان من عبد القيس وكان اسمه: جرجيس. البداية (٢/ ٢٨٦).