كتاب الدعوة الإسلامية في عهدها المكي مناهجها وغاياتها

منهج إثبات الوحدانية لله تعالى - ثانيا: دعوة المعاندين إلى التجرد من المواريث الثقافية التي تبعدهم عن التفكير السليم في التوصل إلى الحقيقة - ص: 84

الفكر، وارتبطوا في حبال بالية واهية قائمة حتى ولو جاءهم بما هو أهدى: {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} ١.

فهي عقول طمس عليها وقلوب سدت منافذها.

والقرآن يحاون أن يكشف عنها الغطاء ويقطع حبال التبعية الإبليسية فيعقب على مواقف السالفين دائما بعقاب صارخ صارم: {فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} ٢.

{مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} .

إنها مقالة الذين يريدون علوا في الأرض وفسادا ولا يحبون الخير والهدى للناس لقد قالها المتعجرفون من آل فرعون وأذنابه إلى سيدنا موسى: {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ} ٣.

ولهذا فإن القرآن يجاهد في هذه المرحلة ليخلع معاندو الدعوة أغشية العمى وأتمال التقاليد وصدأ المواريث الثقافية التي حملوها أثقالا ثقالا من الآباء والأجداد الذين لا يعقلون، وتلك خطوة رئيسية

---

١ الآية رقم ٢٤ من سورة الزخرف.
٢ الآية رقم ٢٥ من سورة الزخرف.
٣ الآية رقم ٧٨ من سورة يونس.