تَنْبِيهٌ
قَدْ يُعْدَلُ عَنِ الْجَوَابِ أَصْلًا، إِذَا كَانَ السَّائِلُ قَصْدُهُ التَّعَنُّتُ، نَحْوَ: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} قَالَ صَاحِبُ الْإِفْصَاحِ: إِنَّمَا سَأَلَ الْيَهُودُ تَعْجِيزًا وتغليظا، إذا كَانَ الرُّوحُ يُقَالُ بِالِاشْتِرَاكِ عَلَى رُوحِ الْإِنْسَانِ وَالْقُرْآنِ وَعِيسَى وَجِبْرِيلَ وَمَلَكٍ آخَرَ وَصِنْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَقَصَدَ الْيَهُودُ أَنْ يَسْأَلُوهُ فَبِأَيِّ مُسَمًّى أَجَابَهُمْ قَالُوا: لَيْسَ هُوَ، فَجَاءَهُمُ الْجَوَابُ مُجْمَلًا، وَكَانَ هَذَا الاحتمال كَيْدًا يَرُدُّ بِهِ كَيْدَهُمْ.
قَاعِدَةٌ
قِيلَ: أَصْلُ الْجَوَابِ أَنْ يُعَادَ فِيهِ نَفْسُ السُّؤَالِ، لِيَكُونَ وِفْقَهُ نحو: {أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ} فَـ {أَنَا} فِي جَوَابِهِ هُوَ {أَنْتَ؟} فِي سُؤَالِهِمْ وَكَذَا: {أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا} فَهَذَا أَصْلُهُ، ثُمَّ إِنَّهُمْ أُتُوا عِوَضَ ذَلِكَ بِحُرُوفِ الْجَوَابِ اخْتِصَارًا وَتَرْكًا لِلتَّكْرَارِ.
وَقَدْ يُحْذَفُ السُّؤَالُ ثِقَةً بِفَهْمِ السَّامِعِ بِتَقْدِيرِهِ، نَحْوَ: {قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} فَإِنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يَكُونَ السُّؤَالُ وَالْجَوَابُ مِنْ وَاحِدٍ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ " قُلِ اللَّهُ " جَوَابَ سُؤَالٍ، كَأَنَّهُمْ سَأَلُوا لَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ: فَمَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute