بعال، فأخذوا وجيء بهم فذبحهم كلهم ذبحا، وقال لأحؤب انزل وكل واشرب، فإن المطر نازل، فنزل المطر على ما قال، وكان الجهد قد اشتدّ لانقطاع المطر مدّة ثلاث سنين وأشهر، وغزر المطر حتى لم يستطع أحؤب أن ينصرف لكثرته.
فغضبت سيصيال امرأة احؤب لقتل أبناء بعال وحلفت بآلهتها لتجعلنّ روح إلياس عوضهم، ففزع إلياس وخرج إلى المفاوز وقد اغتم غما شديدا، فأرسل اللّه إليه ملكا معه خبز ولحم وماء، فأكل وشرب وقوّاه اللّه حتى مكث بعد هذه الأكلة أربعين يوما لا يأكل ولا يشرب، ثم جاءه الوحي بأن يمضي إلى دمشق، فسار إليها وصحب اليسع بن شابات، ويقال ابن حظور، فصار تلميذ، فخرج من أريحا ومعه اليسع حتى وقف على الأردن، فنزع رداءه ولفه وضرب به ماء الأردن فافترق الماء عن جانبيه، وصار طريقا. فقال إلياس حينئذ لليسع اسأل ما شئت قبل أن يحال بيني وبينك. فقال اليسع: أسأل أن يكون روحك فيّ مضاعفا.
فقال: لقد سألت جسيما، ولكن إن أبصرتني إذا رفعت عنك يكون ما سألت، وإن لم تبصرني لم يكن. وبينما هما يتحدّثان إذ ظهر لهما كالنار، فرّق بينهما ورفع إلياس إلى السماء، واليسع ينظره. فانصرف وقام في النبوّة مقام إلياس، وكان رفع إلياس في زمن يهورام بن يهوشافاط، وبين وفاة موسى ﵇ وبين آخر أيام يهورام خمسمائة وسبعون سنة، ومدّة نبوّة موسى ﵇ أربعون سنة، فعلى هذا يكون مدّة عمر إلياس من حين ولد بمصر إلى أن رفع بالأردن إلى السماء ستمائة سنة. وبضع سنين، والذي عليه علماء أهل الكتاب وجماعة من علماء المسلمين، أنّ إلياس حيّ لم يمت، إلاّ أنهم اختلفوا فيه، فقال بعضهم أنه هو فينحاس كما تقدّم ذكره، ومنع هذا جماعة وقالوا هما اثنان، واللّه أعلم.
كنيسة المصاصة: هذه الكنيسة يجلّها اليهود، وهي بخط المصاصة من مدينة مصر، ويزعمون أنها رممت في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ﵁، وموضعها يعرف بدرب الكرمة، وبنيت في سنة خمس عشرة وثلثمائة للإسكندر، وذلك قبل الملة الإسلامية بنحو ستمائة وإحدى وعشرين سنة، ويزعم اليهود أن هذه الكنيسة كانت مجلسا لنبيّ اللّه إلياس.
كنيسة الشاميين: هذه الكنيسة بخط قصر الشمع من مدينة مصر، وهي قديمة مكتوب على بابها بالخط العبرانيّ حفرا في الخشب، أنها بنيت في سنة ست وثلاثين وثلاثمائة للإسكندر، وذلك قبل خراب بيت المقدس الخراب الثاني الذي خرّبه طيطش بنحو خمس وأربعين سنة، وقبل الهجرة بنحو ستمائة سنة، وبهذه الكنيسة نسخة من التوراة لا يختلفون في أنها كلها بخط عزرا النبيّ الذي يقال له بالعربية العزيز.