وقال آخر:
كأنّ النيل ذو فهم ولب … لما يبدو لعين الناس منه
فيأتي حين حاجتهم إليه … ويمضي حين يستغنون عنه
وقال تميم بن المعتمر:
يوم لنا بالنيل مختصر … ولكل يوم مسرّة قصر
والسفن تجري كالخيول بنا … صعدا وجيش الماء منحدر
وكأنما أمواجه عكن … وكأنما داراته سرر
وقال أيضا:
أما ترى الرعد بكى واشتكى … والبرق قد أومض واستضحكا
فاشرب على غيم بصنع الدجى … يضحك وجه الأرض لما بكى
وانظر لماء النيل في مدّه … كأنما صندل أو مصطكا (١)
وقال آخر:
واللّه مجرى النيل منه إذا الصبا … أرينا به من برها عسكرا بحرا
بشط بنهر السمهرية دبلا … وموج بنهر البيض هندية بترا
إذا مرّ حاكى الورد غضا وإن صفا … حكى ماءه لونا ولو بعده مرّا
وقال أبو الحسن محمد بن الوزير في تدريج زيادة النيل وعظم منفعته:
أرى أبدا كثيرا من قليل … وبدرا في الحقيقة من هلال
فلا تعجب فكل خليج ماء … بمصر مسيب بخليج مال
زيادة أصبع في كل يوم … زيادة أذرع في حسن حال
وقال الشهاب أحمد بن فضل اللّه العمري:
بمصر فضل باهر … لعيشها الرغد النضر
في سفح روض يلتقي … ماء الحياة والخضر
وقال ابن قلاقس:
انظر إلى الشمس فوق النيل غاربة … وانظر لما بعدها من حمرة الشفق
غابت وألقت شعاعا منه يخلفها … كأنما احترقت بالماء في الغرق
وللهلال فها وافى لينفدها … في إثرها زورق قد صيغ من ورق
(١) المصطكا: شجر كالبطم له رائحة زكية يستخرج منه صمغ يعلك.