{اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّه}[المجادلة: ٥٨/ ١٩] ، و"استنوق الجمل"، وهو مثل عربي، يقال إن "طرفة بن العبد" هو أول من قاله، حين سمع "المتلمس" ينشد شعرا له، ويقول فيه:
وقد أتناسى الهم عند احتضاره ... بناج عليه الصيعرية مكدم
والصيعرية: سمة للنوق، فجعلها المتلمس للجمل، وسمعه طرفة ينشد البيت فقال: استنوق الجمل، فضحك الناس، وسارت مثلا١.
أما المرحلة الثانية في تطور هذه الأفعال المعتلة، فهي مرحلة التسكين، أو ضياع الحركة بعد الواو والياء للتخفيف، فيصبح الفعل على نحو: قول، وبيع، وخوف، وقضى، ورمى ... إلخ.
وقد فطن العلامة "ابن جني" بحسه اللغوي، إلى ضرورة وجود هذه المرحلة في طريق تطور الأفعال المعتلة، فقال:"ومن ذلك قولهم: إن أصل قام: قوم، فأبدلوا الواو ألفا، وكذلك: باع، أصله: بيع، ثم أبدلت الياء ألفا، لتحركها وانفتاح ما قبلها، وهو لعمري كذلك، إلا أنك لم تقلب واحدًا من الحرفين إلا بعد أن أسكنته استثقالا لحركته، فصار إلى: قوم وبيع"٢.
وقد بقيت هذه المرحلة عند قبيلة طيئ، فقد روي لنا عنها أنها تقول مثلا:"حبلى" و"أفعى" , "هدى" ما شابه ذلك في الوصل والوقف٣. وأغلب الظن أن الراجز الذي قال:
١ انظر: الصناعتين لأبي هلال العسكري ٩٢. ٢ الخصائص ٢/ ٤١٧-٤٧٢ وانظر كذلك: شرح مراح الأرواح ١٢٢ ٣ انظر: كتاب سيبويه ٢/ ٢٨٧ ومعاني القرآن للزجاج ١/ ٨٧.