قال رجل لابن عباس:"إنا نصيب - في العمد من أموال أهل الذمة - الدجاجة والشاة، ونقول: ليس علينا في ذلك بأس .. فقال له: هذا كما قال أهل الكتاب: (لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ)، إنهم إذا أدوا الجزية لم تحل لكم أموالهم إلا عن طيب أنفسهم". اهـ.
كما لا يصح لمسلم أيضًا: أن يتصف بالخيانة مع من خانه. قال ﷺ:"أَدِّ الأَمانةَ إِلَى مَنِ ائتَمَنَك، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَك"(١). والله تعالى يقول:"وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا"(٢).
قال القرطبي: في الآية رد على الكفرة: الذين يُحَرِّمُونَ وَيُحَلِّلُونَ غير تحريم الله وتحليله، ويجعلون ذلك في الشرع.
واستدل أبو حنيفة بالآية، على ما ذهب إليه من مشروعية ملازمة الغريم بقوله تعالى:
هذه الآية ردُّ لقولهم:(لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) وإيجاب للوفاء بالحقوق، وبيان لمحبة الله لأهل الوفاء.
والمعنى: بلى .. عليهم سبيل ومؤَاخذة في عدم رد الأمانات إلى أهلها: من أَوفى بعهده فأدى الحقوق لذويها، واتقى الله في أمره كله، فلم يخن الأمانة، ولم يكذب على الله، ولم يفعل سوءًا - فإن الله يحبهم لتقواهم ووفائهم، ويترتب على حبه لهم، منحهم أجزل الثواب.
(١) رواه البخاري في التاريخ. كما رواه أبو داود والترمذي والحاكم والطبراني. (٢) المائدة: ٨.