قَالَ أَبُو نَصْرٍ الْقُشَيْرِيُّ: وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الإمام لم أره في كلام القاضي، فإنه صَرَّحَ بِأَنَّ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ يَصِحُّ مِنْهُ التَّحَمُّلُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ. وَتَصِحُّ رِوَايَةُ الْحَدِيثِ عَمَّنْ لَمْ يَعْلَمُ مَعْنَاهُ، وَهَذَا فِيمَا أَظُنُّ إِجْمَاعٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ، وَكَيْفَ لَا وَفِي الْحَدِيثِ: "رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرُ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ" ١. وَلَوْ شَرَطْنَا عِلْمَ الرَّاوِي بِمَعْنَى الْحَدِيثِ لَشَرَطْنَا معرفة جميع وجوهه وينسد بذلك باب "الحديث"*.
قَالَ: وَقَدْ صَرَّحَ الْإِمَامُ بِجَوَازِ الْإِجَازَةِ وَالتَّعْوِيلِ عَلَيْهَا، وَقَدْ يَكُونُ الْمُجِيزُ غَيْرَ مُحِيطٍ بِجُمْلَةِ مَا فِي الْكِتَابِ الْمُجَازِ، وَقَدْ وَافَقَ الْجُوَيْنِيُّ عَلَى ذَلِكَ الشَّرْطِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْكِيَا الطَّبَرِيُّ وَالْمَازِرِيُّ.
وَيَقُولُ التِّلْمِيذُ فِي هَذِهِ الطَّرِيقَةِ: قَرَأْتُ عَلَى فُلَانٍ، أَوْ أَخْبَرَنِي أَوْ حَدَّثَنِي قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَأَمَّا إِطْلَاقُ أَخْبَرَنِي أَوْ حَدَّثَنِي بِدُونِ "تقييد"** تقييده بِقَوْلِهِ: قِرَاءَةً عَلَيْهِ فَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ ابْنُ الْمُبَارَكِ٢ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى٣، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالنَّسَائِيُّ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ الشَّيْخَ هُوَ الَّذِي قَرَأَ بِنَفْسِهِ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ٤ وَمَالِكٌ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ٥ وَيَحْيَى بن سعيد القطان،
* في "أ": الحديث.** في "أ": تقييده.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute