عَنْهُ الْإِثْمَ، وَعَفَا عَنِ الْخَطَأِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الْمُشْتَرَكَةِ لِلْجُمْهُورِ، فَلَا يَصِحُّ الْخُرُوجُ عَمَّا حُدَّ فِي الشَّرِيعَةِ، وَلَا تَطَّلُّبُ مَا وَرَاءَ هَذِهِ الْغَايَةِ، فَإِنَّهَا مَظِنَّةُ الضَّلَالِ، وَمَزِلَّةُ الْأَقْدَامِ.
فَإِنْ قِيلَ١: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا نُقِلَ عَنْهُمْ مِنْ تَدْقِيقِ٢ النَّظَرِ فِي مَوَاقِعِ الْأَحْكَامِ، وَمَظَانِّ الشُّبُهَاتِ، وَمَجَارِي الرِّيَاءِ وَالتَّصَنُّعِ لِلنَّاسِ، وَمُبَالَغَتِهِمْ فِي التَّحَرُّزِ مِنَ الْأُمُورِ الْمُهْلِكَاتِ، الَّتِي هِيَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ مِنَ الدَّقَائِقِ الَّتِي لَا يَهْتَدِي إِلَى فَهْمِهَا وَالْوُقُوفِ عَلَيْهَا إِلَّا الْخَوَاصُّ، وَقَدْ كَانَتْ عِنْدَهُمْ عَظَائِمَ وَهِيَ مِمَّا لَا يَصِلُ إِلَيْهَا الْجُمْهُورُ.
وَأَيْضًا، لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ لِلْعُلَمَاءِ مَزِيَّةٌ عَلَى سَائِرِ النَّاسِ، وَقَدْ كَانَ فِي الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ خَاصَّةً وَعَامَّةً، وَكَانَ لِلْخَاصَّةِ مِنَ الْفَهْمِ فِي الشَّرِيعَةِ مَا لَمْ يَكُنْ لِلْعَامَّةِ، وَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ عَرَبًا وَأُمَّةً أُمِّيَّةً، وَهَكَذَا سَائِرُ الْقُرُونِ إِلَى الْيَوْمِ، فَكَيْفَ٣ هذَا؟
وَأَيْضًا، فَإِنَّ الشَّرِيعَةَ قَدِ اشْتَمَلَتْ عَلَى مَا تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ عَامَّةً، وَمَا يَعْرِفُهُ الْعُلَمَاءُ خَاصَّةً، وَمَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَذَلِكَ الْمُتَشَابِهَاتُ، فَهِيَ شَامِلَةٌ لِمَا يُوصَلُ إِلَى فَهْمِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَمَا لَا يُوصَلُ إِلَيْهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَمَا يَصِلُ إِلَيْهِ الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ، فَأَيْنَ الِاخْتِصَاصُ بِمَا يَلِيقُ بِالْجُمْهُورِ خَاصَّةً؟
فَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ: أَمَّا الْمُتَشَابِهَاتُ، فَإِنَّهَا مِنْ قَبِيلٍ غَيْرِ مَا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّهَا إِمَّا رَاجِعَةٌ إِلَى أُمُورٍ إِلَهِيَّةٍ لَمْ يَفْتَحِ الشَّارِعُ لِفَهْمِهَا بَابًا غَيْرَ التَّسْلِيمِ والدخول تحت
١ السؤال وارد على كلامه في الاعتقاديات والعمليات بدليل قوله: "فإن الشريعة قد اشتملت.... إلخ". "د".٢ في الأصل: "وتدقيق".٣ في الأصل: "وكيف".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute