فَصْلٌ:
- وَمِنْهَا: أَنْ تَكُونَ التَّكَالِيفُ الِاعْتِقَادِيَّةُ وَالْعَمَلِيَّةُ مِمَّا يَسَعُ الْأُمِّيَّ تَعَقُّلُهَا، لِيَسَعَهُ الدُّخُولُ تَحْتَ حُكْمِهَا.
أَمَّا الِاعْتِقَادِيَّةُ -بِأَنْ تَكُونَ مِنَ الْقُرْبِ لِلْفَهْمِ، وَالسُّهُولَةِ عَلَى الْعَقْلِ، بِحَيْثُ يَشْتَرِكُ فِيهَا الْجُمْهُورُ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ ثَاقِبَ الْفَهْمِ أَوْ بَلِيدًا-، فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِمَّا لَا يُدْرِكُهُ إِلَّا الْخَوَاصُّ، لَمْ تَكُنِ الشَّرِيعَةُ عَامَّةً، وَلَمْ تَكُنْ أُمِّيَّةً، وَقَدْ ثَبَتَ كَوْنُهَا كَذَلِكَ، فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْمَعَانِي الْمَطْلُوبُ عِلْمُهَا وَاعْتِقَادُهَا سَهْلَةَ الْمَأْخَذِ١.
وَأَيْضًا، فَلَوْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ لزمه بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْجُمْهُورِ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ وَهُوَ غَيْرُ وَاقِعٍ، كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْأُصُولِ٢، وَلِذَلِكَ تَجِدُ الشَّرِيعَةَ لَمْ تُعَرِّفْ مِنَ الْأُمُورِ الْإِلَهِيَّةِ إِلَّا بِمَا يَسَعُ فَهْمُهُ، وَأَرْجَتْ غَيْرَ ذَلِكَ، فَعَرَّفَتْهُ بِمُقْتَضَى الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، وَحَضَّتْ عَلَى النَّظَرِ فِي الْمَخْلُوقَاتِ، إِلَى أَشْبَاهِ ذَلِكَ، وَأَحَالَتْ٣ فِيمَا يَقَعُ فِيهِ الِاشْتِبَاهُ عَلَى قَاعِدَةٍ عَامَّةٍ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشُّورَى: ١١] ، وَسَكَتَتْ عَنْ أَشْيَاءَ لَا تَهْتَدِي إِلَيْهَا العقول، نعم، لا ينكر
١ انظر: "مجموع فتاوى ابن تيمية" "٩/ ٣٧".٢ انظر في ذلك: "البرهان" "١/ ١٠٥"، و"المستصفى" "١/ ٥٦، ٨٦-٨٨، و"البحر المحيط" "١/ ٢٢٠ و ٣٨٨"، و"الإبهاج" "١/ ١٧٠"، و"سلاسل الذهب" "١٣٦"، و"روضة الناظر" "١/ ٢٣٤- ٢٣٥- ط الرشد"، و"المحصول" "١/ ٢/ ٣٦٣"، و"المسودة" "٨٠"، و"الإحكام" "١/ ١٣٧" للآمدي، و"تيسير التحرير" "٢/ ١٣٥"، و"إرشاد الفحول" ٩، و"رفع الحرج في الشريعة الإسلامية" "١٨٧- ٢٠٥" ليعقوب الباحسين.٣ في "خ": "وإحالة".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute