فجمع يديه إلى عنقه بحبل، ثم انطلق به إلى دار بني الحارث ابن الخزرج، فلقيه عبد الله بن رواحة، فقال:"ما هذا؟ " قال: "أما أعجبك ضرب حسان بالسيف! والله ما أراه إلا قد قتله"، قال له عبد الله بن رواحة:"هل علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء مما صنعت؟ " قال: "لا والله"، قال:"لقد اجترأت، أطلق الرجل"، فأطلقه، ثم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا حسانا وصفوان بن المعطل، فقال ابن المعطل:"يا رسول الله: آذاني١ وهجاني، فاحتملني الغضب، فضربته"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان:"أحسن يا حسان، أتشوهت* على قومي، أن هداهم الله للإسلام"، ثم قال:"أحسن يا حسان في الذي أصابك"، قال:"هي لك يا رسول الله"٢ والحديث أخرجه ابن جرير الطبري من هذه الطريق٣.
وأشار ابن حجر إلى هذا الحديث في (تعجيل المنفعة) وقال: "سنده صحيح"٤، وقال في الإصابة: "وقصة صفوان مع حسان مشهورة ذكرها يونس بن بكير في زيادات المغازي موصولة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قعد صفوان بن المعطل لحسان فضربه بالسيف قائلا:
تلق ذباب السيف مني فإنني غلام إذا هوجيت لست بشاعر
فجاء حسان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستعداه على صفوان فاستوهبه الضربة فوهبها له.
١ يريد قول حسان: أمس الجلابيب قد عزوا وقد كثروا ... وابن الفريعة أمسى بيضة البلد إلى آخر ما ذكر من الأبيات، ويريد بالجلابيب (الغرباء) وبيضة البلد أي:منفرداً لا يدانيه أحد، وعندها اعترضه صفوان فضربه بالسيف وهو يقول: تلق ذباب السيف عني فإنني ... غلام إذا هوجيت لست بشاعر انظر سيرة ابن هشام ٢/ ٣٠٤- ٣٠٥. (*) أتشوهت على قومي: أي أقبحت ذلك من فعلهم حين سميتهم بالجلابيب من أجل هجرتهم إلى الله وإلى رسوله)) . ٢ المصدر السابق ٢/ ٣٠٥. ٣ تاريخ ابن جرير ٢/ ٦١٨. ٤ تعجيل المنفعة، ص١٢٨.