ومنهم من قال: النّكاح يوجب النّفقة، والكسب صعب، وهذه حجّة للتّرفّه عن تعب الكسب.
وفي الصحيح من حديث أبي هريرة ﵁ عن النّبيّ ﷺ أنّه قال:«دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار أنفقته في الصّدقة، ودينار أنفقته على عيالك، أفضلها الدّينار الّذي أنفقته على عيالك»(٢).
ومنهم من قال: النّكاح يوجب الميل إلى الدّنيا، فروّينا عن أبي سليمان الدّارانيّ أنّه قال: إذا طلب الرجل الحديث أو سافر في طلب المعاش، أو تزوج، فقد ركن إلى الدّنيا.
قال المصنف ﵀: قلت: وهذا كلّه مخالف للشّرع، وكيف لا يطلب الحديث، والملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم؟
وكيف لا يطلب المعاش، وقد قال عمر بن الخطاب ﵁: لأن أموت من سعى على رجلي أطلب كفاف وجهي، أحبّ إليّ من أن أموت غازيا في سبيل الله.
وكيف لا يتزوّج وصاحب الشّرع يقول:«تناكحوا تناسلوا»(٣). فما أرى هذه الأوضاع إلّا على خلاف الشّرع.
فإنّ جماعة من متأخّري الصّوفيّة، تركوا النّكاح ليقال: زاهد، والعوامّ تعظّم الصّوفيّ، إذا لم تكن له زوجة فيقولون: ما عرف امرأة قطّ. فهذه رهبانيّة تخالف شرعنا.
قال أبو حامد: ينبغي ألا يشغل المريد نفسه بالتّزويج، فإنّه يشغله عن السّلوك، ويأنس
(١) أخرجه مسلم (١٠٠٦). (٢) أخرجه مسلم (٩٩٥). (٣) تقدم تخريجه.