المنصور، فسألت عن سبب مشيه، فقيل لي: لئلّا ينام، فقلت: هذا جهل بمقتضى الشّرع والعقل:
أمّا الشّرع: فإنّ النّبيّ ﷺ قال: «إنّ لنفسك عليك حقّا، فقم ونم»(١)، وكان يقول:
«عليكم هديا قاصدا، فإنّه من يشادّ هذا الدّين يغلبه»(٢).
وعن أنس بن مالك، قال: دخل رسول الله ﷺ المسجد، وحبل ممدود بين ساريتين، فقال:«ما هذا؟». قالوا: لزينب تصلّي، فإذا كسلت، أو فترت، أمسكت به، فقال:«حلّوه»، ثمّ قال:«ليصلّ أحدكم نشاطه، فإذا كسل أو فتر فليقعد»(٣).
وعن عائشة قالت: قال رسول الله ﷺ: «إذا نعس أحدكم فليرقد حتّى يذهب عنه النّوم؛ فإذا صلّى وهو ينعس لعلّه يذهب ليستغفر، فيذهب، فيسبّ نفسه»(٤).
قال المصنّف: هذا حديث صحيح أخرجه البخاريّ ومسلم، وانفرد بالّذي قبله البخاريّ.
وأمّا العقل: فإنّ النّوم يجدّد القوى الّتي كلّت بالسّهر، فمتى دفعه الإنسان وقت الحاجة إليه، أثّر في بدنه وعقله، فنعوذ بالله من الجهل.
فإن قال قائل: فقد رويت لنا أنّ جماعة من السّلف كانوا يحيون اللّيل.
فالجواب: أولئك تدرّجوا حتّى قدروا على ذلك، وكانوا على ثقة من حفظ صلاة الفجر في الجماعة، وكانوا يستعينون بالقائلة مع قلّة المطعم، وصحّ لهم ذلك، ثمّ لم يبلغنا أنّ رسول الله ﷺ سهر ليلة لم ينم فيها، فسنّته هي المتبوعة.
(١) أخرجه البخاري (١١٥٣)، ومسلم (١١٥٩) من حديث عبد الله بن عمرو ﵄. (٢) أخرجه أحمد (٢٢٥٤٤) من حديث بريدة الأسلمي ﵁، وصحّحه الألبانيّ في «صحيح الجامع» (٤٠٨٦). (٣) أخرجه البخاري (١١٥٠)، ومسلم (٧٨٤). (٤) أخرجه البخاري (٢١٢)، ومسلم (٧٨٦).