المعبود في السماوات والأرض، وفي هذه السورة ١ من أدلة التوحيد ما لا يكاد أن يحصر، وفيها من بيان الشرك والنهي عنه كذلك. وافتتح سورة هود بهذا التوحيد فقال:{الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ} ٢، فأحكم تعالى آيات القرآن، ثم فصلها ببيان توحيده والنهي عن الإشراك به، وفي أول سورة طه قال تعالى:{اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} ٣. وافتتح سور الصافات بهذا التوحيد، وأقسم عليه فقال:{وَالصَّافَّاتِ صَفّاً فَالزَّاجِرَاتِ زَجْراً فَالتَّالِيَاتِ ذِكْراً إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِد رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقٌِ} ٤. وافتتح سورة الزمر بقوله:{تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} ٥. وفي هذه السورة من بيان التوحيد والأمر به، وبيان الشرك والنهي عنه، ما يستضيء به قلب المؤمن، وفي السورة بعدها كذلك، وفي سورة:{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ٦ نفى الشرك في العبادة إلى آخره. وفي سورة:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ٧ توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات. وهذا ظاهر لمن نور الله قلبه بفهم القرآن. وفي خاتمة المصحف:{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ} ٨ بين أن ربهم وخالقهم ورازقهم والمتصرف فيهم ٩ بمشيئته وإرادته، وهو ملكهم الذي نواصي الملوك بيده، وجميع الخلق في قبضته، يعز هذا ويذل هذا
١ يعني سورة الأنعام، وهي أجمع سور القرآن لعقائد الإسلام في الإلهيات والنبوة والبعث،
ورد شبهات المشركين.
٢ سورة هود آية: ١. ٣ سورة طه آية: ٨. ٤ سورة الصافات آية: ١. ٥ سورة الزمر آية: ١. ٦ سورة الكافرون آية: ١. ٧ سورة الإخلاص آية: ١. ٨ سورة الناس آية: ١. ٩ لعل أصله هو المتصرف فيهم، فيكون خبر أن ربهم وإلا فأين الخبر.